انطلاق أعمال “القمة العربية الـ33” في البحرين
الرشادبرس _ عربي
انطلقت اليوم الخميس، في العاصمة البحرينية المنامة، أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين، التي ستكون القضية الفلسطينية حاضرة فيها بقوة.
وتكتسب القمة أهمية كبيرة بواقع التوقيت الدقيق الذي تُعقد فيه، مع استمرار العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، إلى جانب تأزم الوضع الإنساني والسياسي في عدد من دول المنطقة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن القمة الحالية تُعقد في ظروف استثنائية، فالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بكل ما ينطوي عليه من وحشية، وتجرد من الضمير، يمثل حدثا تاريخيا فارقا”.
وأضاف: لن تنسى الشعوب العربية ذلك العنف الأعمى الذي أظهره الاحتلال الإسرائيلي، وهو يستهدف النساء والأطفال، ويطارد المهجرين والمشردين من ملاذ إلى آخر بالقنابل والرصاص، وقد صار العالم كله مُدركا لحقيقة باتت ساطعة، وهي أن الاحتلال والسلام لا يجتمعان.
وأشار إلى أن الاحتلال لا يمكنه الاستدامة سوى بممارسة التطهير العرقي، وبالإمعان في فرض واقعه الغاشم بقوة السلاح، أما طريق السلام والاستقرار في هذا الإقليم فيقتضي منهجا مختلفا، يقتضي تخلي الاحتلال الإسرائيلي عن أوهام الاحتفاظ بالأرض، والسيطرة على البشر، ويقتضي الإنهاء الفوري للاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 67.
واستدرك قائلا: ما رأيناه من الاحتلال عبر الأشهر الماضية يشير إلى أن الأوهام ما زالت تحكم التفكير، وأن تصورات القوة والهيمنة العرقية ما زالت تسيطر على السياسات.
وأعرب عن أسفه من بعض الدول الغربية التي قدمت غطاءً سياسيا، خاصة مع بداية العدوان، لكي تمارس إسرائيل هذا الإجرام في قطاع غزة، واليوم يقف حتى أقرب أصدقائها عاجزا عن لجمها.
وأكد أن النكبة التاريخية لم تمحُ الفلسطينيين من الوجود، لم تُخرجهم من الجغرافيا، ولم تشطبهم من التاريخ، فأبناء أبنائهم هم من يمارسون هذا الصمود الأسطوري اليوم على الأرض في قطاع غزة وربوع فلسطين كافة، والتهجير القسري مرفوض عربيا ودوليا، ومرفوض أخلاقيا، وإنسانيا، وقانونيا، مرفوض ولن يمر.
وشدد على أن أحدا لا يريد العودة إلى اليوم السابق للسابع من أكتوبر، وما يرتكبه الاحتلال من فظائع وشناعات في غزة لن يعيد إليه الأمن، ونريد الانتقال إلى المستقبل، وليس العودة إلى ماضٍ مأساوي أوصلنا إلى هذه النقطة، ولا مستقبل آمن في المنطقة سوى بمسار موثوق، لا رجعة عنه، لإقامة الدولة الفلسطينية.
وطالب المجتمع الدولي، بمن فيه أصدقاء إسرائيل، بل بالأخص أصدقاء إسرائيل، بإقامة مؤتمر دولي للسلام يجسد رؤية الدولتين التي تحظى بالإجماع العالمي، وبالعمل على مساعدة الطرفين، ومرافقتهما لتحقيق هذه الرؤية في أجل زمني قريب، إنقاذا لمستقبل الشعوب الذين يستحقون السلام والأمن في فلسطين، والعالم العربي، وفي إسرائيل أيضا.
الى ذلك أكد ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، ورئيس القمة العربية في دورتها الـ32 الأمير محمد بن سلمان، ضرورة العمل العربي المشترك للوقف الفوري للعدوان على قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية، وضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته.
وقال في مستهل كلمته، لقد أولت المملكة العربية السعودية خلال رئاستها للدورة 32 اهتماما بالغا بالقضايا العربية، وتطوير عمل عربي مشترك، وحرصت على بلورة مواقف مشتركة تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأضاف، إن المملكة استضافت القمة العربية والإسلامية غير العادية لبحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصدر عنها قرار جماعي بإدانة هذا العدوان ورفض تبريره تحت أي ذريعة، وتشكلت عنها لجنة عربية إسلامية مشتركة من وزراء الخارجية لبدء تحرك دولي فوري باسم الدول الأعضاء لوقف الحرب على قطاع غزة، وأطلقت حملة شعبية تجاوزت 700 مليون ريال سعودي وسيرت جسورا جوية وبحرية للمساعدات الإغاثية.
ودعا إلى ضرورة العمل على إيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية مبني على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على حدود 67 وحدودها 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
ورحب ولي العهد، بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 مايو الماضي قرارا بأن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة، داعيا الدول إلى الاعتراف الثنائي بدولة فلسطين.
وفي ختام كلمته، سلّم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة رئاسة القمة، معربا عن أمله في أن تنجح أعمال القمة في دورتها الـ33.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، “نجتمع هنا وقلوبنا تنفطر لما يحدث للفلسطينيين في غزة، فالحرب في غزة جرح مفتوح، قد يتسبب بعدوى في جسد المنطقة بأسرها، وهذا النزاع، بمعدله وحجمه هذين، هو الأكثر فتكاً من بين كل ما شهدتُه من نزاعات كأمين عام، بالنسبة إلى المدنيين وعمال الإغاثة والصحفيين وزملائنا في الأمم المتحدة.
وأكد أنه لا يمكن كذلك تبرير العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، بيد أن الخسائر في صفوف المدنيين لا تزال تتصاعد، وقد مُسحت عائلات بأسرها عن بكرة أبيها، وأصيب الأطفال بصدمات نفسية، ولحق بهم أذى سيلازمهم مدى الحياة، ويُحرم الناس من أبسط المقومات الأساسية للبقاء، وثمة مجاعة تلوح في الأفق، ولا يمكن قبول أي هجوم على رفح، إذ من شأنه إحداث موجة أخرى من الألم والبؤس، بينما نحن في حاجة إلى موجة من المساعدات المنقذة للأرواح.
وتابع: لقد حان الوقت لإعلان وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء غزة، ولا تزال “الأونروا” هي العمود الفقري لعملياتنا في غزة وشريان الحياة للاجئي فلسطين في مختلف أرجاء المنطقة، وهي بحاجة إلى الدعم والتمويل الكاملين.
وأعرب عن انزعاجه الشديد مما يحدث من توترات في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، حيث تشهد طفرات في إقامة المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وعنف المستوطنين، والاستخدام المفرط للقوة من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي، وعمليات الهدم والإخلاء.
وأكد أنه ما من وسيلة دائمة لإنهاء مسلسل العنف والاضطرابات سوى الحل القائم على وجود دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، مع القدس عاصمة لكلتا الدولتين. ويجب الحفاظ على الطابع الديمغرافي والتاريخي للقدس، ويجب الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة، تماشيا مع الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية.
الى ذلك قال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، أن القمة العربية تُعقد في ظروف دولية بالغة الخطورة والتعقيد، بالنسبة إلى العالم العربي والقارة الإفريقية على حد سواء.
وقال، إن الشعب الفلسطيني يواجه حرباً شعواء على الشعب الفلسطيني الصامد، بينما تزداد المخاطر المهددة للأنفس البشرية والبنية التحتية كافة، لتوسيع رقعة الحرب إلى رفح، دون أن تتوقف في المناطق الأخرى من قطاع غزة.
وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي منذ اللحظات الأولى للعدوان، ندد بشدة بالدمار غير المسبوق في التاريخ الإنساني، كما طالب ولا يزال يطالب بإلحاح بتضافر الجهود بفعالية من أجل وقف الحرب وإعمال الحل السياسي المبني على حل الدولتين المتعايشتين في سلام واحترام وسيادة وأمن الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأضاف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، أن تفعيل هذا القرار الدولي الذي يحظى بالدعم الصريح من أغلبية دول وشعوب العالم، هو السبيل الوحيد لإقرار الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ولأمن واستقرار المنطقة برمتها، وأن كل تأخير في تفعيل القرار هو دعم لمواصلة الكارثة لمزيد من إزهاق أرواح الأبرياء وسفك الدماء وتدمير كل مقومات الحياة لشعب بأكمله، بصرف النظر عن كونه عبثا صارخا بكل القيم والمبادئ النبيلة التي انبنت عليها الحضارة الإنسانية.
وتابع موسى فكي: “في الوقت الذي نناشد العالم الضغط الفاعل من أجل وقف الحرب، وتقديم الدعم الإنساني، نشيد بمجهودات كل الخيرين لبلوغ هذا الهدف، ونخص بالذكر دولة قطر، وجمهورية مصر العربية، ونتمنى لهما التوفيق في مساعيهما بهذا الصدد”.
وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، إن أبناء الشعب الفلسطيني يتعرضون لحرب وحشية حصدت عشرات الآلاف من الضحايا غأغلبيتهم من النساء والأطفال، ويتعرضون لحرب أتت على المستشفيات والبنية التحتية، وإن الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية.
وشدد على ضرورة تضافر الجهود لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى تدارس ما يجري حاليا في فلسطين، وعقد مؤتمر على مستوى وزراء الخارجية للخروج بقرارات لحماية الشعب الفلسطيني ضد ما يرتكبه الاحتلال، وليبقى الشعب الفلسطيني على أرضه.
وتابع: “علينا أن نعمل على مستوى عالمي لنوقف هذه الحرب، ونحرك كل الوسائل القانونية الأخرى لحماية الشعب الفلسطيني ومحاسبة الجناة”.
وأكد دعم المنظمة لكل القرارات التي تمخضت عن الأمم المتحدة وما قيل فيما يخص العضوية الكاملة لدولة فلسطين ليتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه كما هو باقي دول العالم.
ولفت إلى أن الحوار يبقى السبيل الوحيد لإحلال السلام، مؤكدا أن المنظمة تشجع كل الأطراف على الحوار للوصول إلى السلام والاستقرار المرجو في العالم العربي.
الى ذلك أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ضرورة وقف العدوان، وأن يتحمل العالم مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية لينهي صراعا ممتدا منذ أكثر من سبعة عقود، لتمهيد الطريق أمام أبنائنا وبناتنا في أمتنا العربية الواحدة لمستقبل يخلو من الحرب والموت والدمار.
وقال في كلمته، إن منطقتنا العربية تشهد واقعا أليما وغير مسبوق في ظل المأساة التي يعيشها الأهل في غزة إثر الحرب البشعة، التي وضعت جميع المواثيق والعهود الدولية على المحك.
وأضاف، ان ما تشهده غزة اليوم من تدمير سيترك نتائج كبرى في الأجيال التي عاصرت الموت والظلم، وستحتاج غزة لسنوات لتستعيد عافيتها، وما تعرضت له لن يمنح المنطقة والعالم الاستقرار، بل سيجلب المزيد من العنف والصراع.
وتابع العاهل الأردني، ان إحقاق الأمن والسلام في المنطقة يتطلب تكثيف الجهود لمساندة الحكومة الفلسطينية للقيام بمهامها، ودعم الأشقاء الفلسطينيين في الحصول على كامل حقوقهم المشروعة وقيام دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
المصدر: وكالة أنباء البحرين