مقالات

الخلاف حول نوع الرد و حجمه!

بقلم /احمد عبدالملك المقرمي

كل الضغوط الناعمة، أو الخشنة، الصديقة، أو المعادية، وكل بطريقته، تقر وتعترف بأن الكيان اللقيط هو وراء تنفيذ الجريمة الإرهابية القذرة ضد الشهيد إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
وكلها تطالب بعدم الرد، أو تخفيفه في إطار و طريقة متفق عليها ..!! الأحاديث من جهة الدول الحليفة للكيان الإرهابي اللقيط،لا تتحدث عن جريمته،و إنما تركز جهودها و ضغوطاتها في كيفة منع عملية الرد الإيراني،أو أن يكون ردا (ناعما) و لطيفا.
البيت الأبيض أظهر من الناحية القولية امتعاضا، و ربطه بما سيؤثر على الأسرى الذين بيد المقاومة. أما العملية الإجرامية فلم يدنها و لا ندد بها. و لكنها من الناحية العملية فإنها حركت قواتها بشكل واسع و كبير
بل تمضي الإدارة لتتحدث عن بناء تحالف عريض للدفاع عن الكيان الإرهابي.
وزير خارجية الإدارة الأمريكية من جانبه تواصل مع عدة دول صديقة كما صرح؛ طالبا منها جميعا التوسط في أن تطلب من إيران ألا ترد ــ على ما لحقها من إهانة صارخة ــ لاغتيال أبي العبد في أرضها،أو فليكن الرد في حدوده الدنيا. بمعنى يتم التشاور و المساومة، ومتى و أين و كيف يكون ؟!!
إيران من جهتها تضرب أخماسا بأسداس، أمام الإغراءات السرية من جهة، و إزاء التهديدات السرية و العلنية، و أين في الأول و الأخير تكمن المصلحة؟ تريد إيران أن تنتقم لنفسها جراء الإهانة المدوية التي انتهكت سيادتها، و مرغها الكيان في الأرض؛ و لكنها تتوجس من الرد على الرد إن قامت به.
حسن نصر في خطابه قال؛ أو قيل له أن يقول: أن إيران يجب ألا تشترك في القتال و إنما تبقى مددا مساندا.
ملالي طهران يميلون بقوة لأن تتولى عصاباتهم الرد بما تأتّى، و هم ـ أي الملالي ـ يستجرون تاريخ الأكاسرة و كيف اصطنعوا مملكة الحيرة لتصد عنهم هجمات الأعراب ـ حينها ـ و لتكون خط دفاع أول ضد الروم. وهذا ما تريده من عصاباتها، في ظل الغيبوبة العربية. الإدارة الأمريكية جندت أطرافا إعلامية عدة لشن حرب نفسية على إيران لتحجيمها عن القيام بأي رد حقيقي، إلا أن يكون مطابقا تمام التطابق للرد الذي نفذته (انتقاما) لمقتل قاسم سليماني حيث تمثلت الضربة بإثارة غبار كثيف أصاب ــ قاعدة ــ عين الأسد. لست هنا معنيا بتبني رأي من يقول أن ثمة تفاهمات دارت بين أطراف في الكواليس قبل الاغتيال و بعد الاغتيال، فهذا احتمال يقول به البعض ، ويستبعده آخرون، بغض النظر عن اضطراب و تأخر التقرير الرسمي الإيراني حول الجريمة، فأعطى مساحة للمحللين بتعدد الاحتمالات.
إيران تبدو أنها ليست في عجلة من أمرها في الرد، فقد جاء التصريح منها قائلا : أنها سترد في المكان المناسب،و الوقت المناسب ، والظرف المناسب. والزمن جزء من العلاج ..!!
يقول البعض هذا التصريح بهذه العمومية يعتبر أول خطوة نحو التراجع عن أي رد، أو أن يأتي الرد خفيفا،لطيفا، ظريفا..!! فيما يقول آخرون: هذا تصريح قوي، وخادع، يتغطى بالتمويه و ليمتطي فعل الضربة المفاجئة.
ويسخر رجل بسيط في الشارع من الذين ينتظرون ردا حاسما من إيران؛ إذ يقول: من السخف أن تفكروا أن اسماعيل هنية أغلى عند إيران من قاسم سليماني، الذي جاء الانتقام له بتلك الطريقة (المهذبة).
ليس هناك شك بما تعانيه إيران، و مدى مرارة المهانة التي لحق بها من قبل الكيان اللقيط، من حيث تنفيذ الجريمة الإرهابية القذرة في عاصمتها، و مرارة الشعور بالخزي و المهانة أيضا من الاختراق الأمني الكبير. فتحديد المكان الذي نزله الشهيد أبو العبد، و تعيين الغرفة بالتحديد، يفترض ألا يعرفها إلا دائرة ضيقة، ومحدودة من المسؤولين الأمنيين الكبار.
هل سترد إيران؟ ليس خافيا على أحد أن مشاورات جارية، ناعمة، و خشنة، و الخلاف حول الحجم، و المساحة، و المكان، مع هاجس تخشاه طهران من الرد والرد المضاد.
وأما ما قد يكون من عروض إغراءات أو ما يشبه الصفقات، فلا تستبعد، و لكن ستظل الإهانة قائمة، وستترسخ عقدة خوف طهران وستزداد على مدى الأيام.
الغريب المريب صمت المتفرجين؛ الذين صمتوا (بصرامة) عن التعليق حول استشهاد أبي العبد، بل وعما يجري لإخوتهم في غزة، و هم اليوم يتفرجون في صمت لا يسر ؛ صمت أفاد إيران و روّج لها، بينما السخرية تهزأ بهم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى