الدولار… وسيطرته على الأسواق العالمية
الرشاد بـــــــــرس ـــــــــ اقتصــــــــــــــاد
يواصل الدولار ارتفاعه ،اليوم الجمعة، مقابل العملات الرئيسية الأخرى، بعد أن قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيوقع أمراً تنفيذياً يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 بالمئة على جميع المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا.
وصعد الدولار بأكثر من1% مقابل البيزو المكسيكي و2%بمقابل الدولار الكندي.
وارتفع الدولار في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الجاري، عند قمة 13 شهرا، على وقع مخاوف عالمية من سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، تجاه اقتصادات رئيسة حول العالم.
وكتب ترامب، الاثنين الماضي، منشورا على منصته “تروث سوشيال” تعهد فيه بفرض تعريفات جمركية على كل من المكسيك وكندا والصين في أول يوم له بالبيت الأبيض المقرر في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وأمام هذا النوع من التوترات التجارية، يلجأ المتعاملون إلى الدولار كملاذ آمن، ومع زيادة الطلب عليه ترتفع قيمته أمام بقية العملات، خاصة عملات الأسواق الناشئة.
وترجع هيمنة الدولار على الأسواق العالمية لعدة أسباب اهمها:
1- مركزية الدولار
رغم بلوغ الدين مستويات تاريخية غير مسبوقة، فإن الدولار القوي الذي بلغ 107.7 نقاط مطلع الأسبوع الجاري يزيد من كلفة الديون بمقدار 100 مليار دولار سنويا على كل نقطة واحدة، فوق 100 نقطة.
ويعتبر الدولار الأميركي عملة الاحتياطات العالمية، إذ يشكل نحو 58% من احتياطات صندوق النقد الدولي، بحسب بيانات صادرة عن الصندوق مؤخرا.
كما يشكل الدولار عملة 80% من التجارة العابرة للحدود، وهو كذلك عملة مدفوعات في غالبية دول العالم، إلى جانب العملات الوطنية الصادرات عن البنوك المركزية لتلك الدول.
2- عبء الديون الخارجية
يظهر تقرير الاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد الدولي مؤخرا، أن أحد أبرز التحديات التي يفرضها الدولار القوي يتمثل في زيادة عبء الديون الخارجية للدول النامية.
فكثير من الدول تقترض بالدولار، ولذلك فإن ارتفاع قيمة الدولار يزيد من تكلفة سداد تلك الديون، لأنه سيدفع الحكومات لدفع نقود محلية أكثر لقاء شراء الدولار وسداد الأقساط المستحقة وفوائد تلك الديون.
وعندما ترتفع قيمة الدولار وتضطر الدول إلى دفع المزيد من عملاتها المحلية لسداد الديون، يؤدي ذلك في مرحلة ما إلى استنزاف احتياطياتها من العملات المحلية والأجنبية.
3- تأثير سلبي على التجارة الدولية
وذكرت منظمة التجارة العالمية في تقرير خلال مايو/ أيار الماضي أن الدولار القوي يعتبر أحد أبرز المعوقات لانسياب الطلب على التجارة العالمية:
يؤدي قيمة الدولار إلى جعل السلع والخدمات الأميركية أكثر تكلفة بالنسبة للدول الأخرى، مما يقلل من تنافسية الصادرات الأميركية.
أي أن ارتفاع كلفة السلع المقومة بالدولار يقلل من الطلب عليها في الأسواق العالمية، مما يؤدي إلى انخفاض التجارة الدولية.
بالنسبة للدول التي تعتمد على الواردات المقومة بالدولار، فإنها تواجه ارتفاعا في التكاليف، مما يؤدي إلى تفاقم العجز التجاري وتزايد الضغوط التضخمية.
4- ارتفاع التضخم
يزيد الدولار القوي، كذلك، من تكاليف الواردات على الدول التي تعتمد على المواد الأساسية كالطاقة والغذاء.
في الدول ذات العملات الأضعف يؤدي هذا إلى تضخم مستورد، مما يرفع تكاليف المعيشة ويؤثر على المستهلكين والشركات على حد سواء.
بما أن النفط مسعّر بالدولار، فإن قوة الدولار تزيد من كلفة النفط على الدول المستوردة، مما يرفع أسعار الوقود والطاقة بشكل عام.
5- اضطرابات الأسواق المال والصرف
تعتمد الأسواق المالية العالمية بشكل كبير على السيولة بالدولار، لذا فإن:
ارتفاع قيمة الدولار يؤدي إلى تغيرات كبيرة في حركة رؤوس الأموال والأسواق، إذ يندفع المستثمرون إلى تحويل أموالهم نحو الأصول المقومة بالدولار بحثا عن عوائد أعلى، مما يؤدي إلى خروج رؤوس الأموال من الاقتصادات النامية وضعف عملاتها.
يسبب الدولار القوي تقلبات حادة في أسواق الصرف، مما يزيد من حالة عدم اليقين ويثبط الاستثمار.
تواجه البنوك المركزية صعوبة في توفير السيولة الكافية بالعملة الأميركية، مما قد يؤدي إلى ضغوط في أسواق التمويل.
المصدر: رويترز