اقتصاد

صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته للنمو العالمي

الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
خفض صندوق النقد الدولي، توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي في معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين، محذرًا من التداعيات العميقة لموجة الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية مؤخرًا، والتي وصفها الصندوق بأنها “الأعلى منذ قرن كامل”.
ووفقًا لما نقلته وكالة رويترز، قلّص الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2025 بمقدار 0.5 نقطة مئوية ليبلغ 2.8%، كما خفّض التوقعات لعام 2026 بمقدار 0.3 نقطة مئوية لتصل إلى 3%، مقارنة بالتقديرات الصادرة في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي مؤتمر صحفي، صرّح كبير اقتصاديي الصندوق، بيير أوليفييه جورينشا، قائلاً:
“نحن بصدد دخول حقبة جديدة يُعاد فيها تشكيل النظام الاقتصادي العالمي القائم منذ نحو 80 عامًا. إن التصعيد السريع في التوترات التجارية والمستوى غير المسبوق من الغموض بشأن السياسات المستقبلية سيترك أثرًا بالغًا على النشاط الاقتصادي العالمي.”
وأشار جورينشا إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، شملت رفع التعريفات على معظم المنتجات الصينية بنسبة 145%، ووصلت إلى 245% على السيارات الكهربائية، ما دفع الصندوق إلى خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني في عام 2025 إلى 4%، مقارنة بـ4.6% في تقديرات سابقة، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وردًا على تلك الإجراءات، فرضت الصين رسومًا جمركية بلغت 125% على الواردات الأميركية، وأعلنت رسميًا عزمها “مواصلة المواجهة حتى النهاية”، في مؤشر على استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، بحسب التقرير.
كما خفّض الصندوق تقديراته لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.8% في عام 2025، بانخفاض قدره 0.9 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة، مشيرًا إلى أن التضخم سيبلغ نحو 3%، مدفوعًا بارتفاع الرسوم الجمركية وزخم قطاع الخدمات.
أثر ممتد على اقتصادات كندا والمكسيك وأوروبا
في كندا، تم تعديل توقعات النمو لعام 2025 إلى 1.4%. أما المكسيك، فقد شهدت أسوأ التعديلات، حيث خُفضت توقعات النمو إلى -0.3%، أي بتراجع قدره 1.7 نقطة مئوية.
أما في منطقة اليورو، فتشير التقديرات إلى نمو ضعيف لا يتجاوز 0.8% في 2025، مع تسجيل ألمانيا صفر نمو، في حين برزت إسبانيا كاستثناء وحيد بتعديل إيجابي رفع النمو المتوقع إلى 2.5%.
وفي المملكة المتحدة، تم تخفيض النمو المتوقع للعام نفسه إلى 1.1%، أي أقل بنحو نصف نقطة مئوية عن التقديرات السابقة.
الصين: نمو مؤقت يواجه تحديات هيكلية
رغم أن الصين سجلت نموًا نسبته 5.4% في الربع الأول من عام 2025، أشار محللون نقلت عنهم رويترز إلى أن هذا الارتفاع يعود إلى تسارع عمليات التسليم قبيل سريان الرسوم الجديدة، ما يجعله غير مستدام. ولفت تقرير الصندوق إلى أن الاقتصاد الصيني يعاني من ضعف في الطلب المحلي، وأزمة ديون ناتجة عن تدهور قطاع العقارات، إلى جانب تراجع ثقة المستهلك منذ عام 2022.
تجارة عالمية متباطئة… وتكاليف متصاعدة
خفض صندوق النقد توقعاته لنمو التجارة العالمية في عام 2025 إلى 1.7% فقط، أي ما يعادل نصف معدل النمو المتوقع في 2024. وقال جورينشا إن الرسوم المرتفعة ستؤدي إلى “انخفاض كبير” في حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين، مضيفًا:
“ستستمر التجارة، لكنها ستكون بكلفة أعلى وكفاءة أقل… إن الضبابية المحيطة بمواقع الاستثمار وسلاسل التوريد تؤثر بعمق على التوقعات الاقتصادية.”
وأكد أن استقرار النظام التجاري العالمي بات مرهونًا بقدرة الدول على توفير بيئة يمكن التنبؤ بها، داعيًا إلى إجراء إصلاحات هيكلية جوهرية لتصحيح المسار الاقتصادي الدولي.
نمو دون المتوسط التاريخي في الأفق المتوسط
أبقى الصندوق على توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط عند 3.2% سنويًا للسنوات الخمس المقبلة، أي دون المتوسط التاريخي البالغ 3.7% المسجل بين عامي 2000 و2019. وأوضح التقرير أنه لا توجد مؤشرات قوية على تحسن هيكلي في الأفق القريب.
المصدر: رويترز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى