مقالات

العالم والسياسة

بقلم الشيخ الدكتور /محمدبن موسى العامرى *
ليس من شروط عالم الشريعة أن يكون محيطاً بمجالات السياسة وإدارة شئون الدولة ، فالسياسة ، أغلبها جوانب عملية ، و مهارة ودربة وممارسة واتصال وموازنات مع الأصدقاء والأعداء ولها أردية متعددة قد يتعذر على العالم تقمصها بكل حال ولعل في التاريخ إشارة ، فعلي رضي الله عنه رغم تقدمه في العلم والفضل على معاوية رضي الله عنه ، إلا أن الدولة في عهده لم تنتظم وحصل فيها تصدعات ، وانشقاقات إذ كان رضي الله عنه صارماً في إدارتها وإدارة شئون المال بينما معاوية كان لديه من المرونه والتعاطي مع الناس وخاصة بعد تغير أحوالهم من العصر الراشدي الى العصر التالي الأقل ديانه وفقهاً ، ولما تنازل له الحسن اجتمع الناس عليه وسمى عام الجماعة وبقيت الدولة الأموية متماسكة نحواً من قرن من الزمان وهذا ليس تقليلاً من مكانة على ولكنه أراد السير بالناس على النموذج الأول من النقاء والصفاء من جيل أبي بكر وعمر وقد انقرض هذا الجيل أو كاد ويروى أن علياً رضي الله قد اعترف بذلك عندما قيل له : يا أمير المؤمنين ما بال أبي بكر وعمر انطاع الناس لهما ،
‏ووليت أنت وعثمان الخلافة ولم ينطاعوا لكما؟ ، فقال :
‏ لأن رعية أبي بكر وعمر كانوا مثلي ومثل عثمان ، ورعيتي أنا اليوم مثلك وشبهك! أو نحواً من هذه العبارة .
يعني باختصار كان الناس قد تغيرت أحوالهم ولم يعد يصلح لهم إلا سياسة معاوية .
وكثير من أهل العلم إذا كتب ، أوخاض في العلوم السياسية قد يكون مثالياً بعيداً عن واقعها ودهاليزها أو مخلاً بتقديراتها ، لديه صورة ذهنية ولوحة مشرقة مقروءة ، لكنها غير قابلة للتطبيق نظراً لمتغيرات كثيرة ، والشريعة الإسلامية بآفاقها وغاياتها فيها من المرونة ما يجعلها قادرة على استيعاب المتغيرات الزمانية والمكانية ، ولها أحكامها المختلفة في حالتي الضعف والقوة والظهور والغربة والتمكين والإستضعاف والأصل والاستثناء والإختيار والإكراه.

*رئيس الهيئة العليا لإتحاد الرشاد اليمني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى