تقارير ومقابلات

عيدٌ في زمن الحرب: العمال اليمنيون بين فقدان الحقوق وغياب الأمل

الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
يحلُّ الأول من مايو، عيد العمال العالمي، على البلاد في ظل ظروف استثنائية، ألقتها الحرب المستمرة منذ عشر سنوات بظلالها القاتمة على مختلف مناحي الحياة، لتجعل من معاناة الطبقة العاملة عنوانًا يوميًّا لواقع مأساوي يعيشه الملايين. ففي وقت يُحتفى فيه بالعمال عالميًا، ما يزال العمال اليمنيون يرزحون تحت وطأة الفقر، والبطالة، وتبعات صراع دموي طال أمده.

أزمات متتالية

منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية الدستورية قبل أكثر من تسع سنوات، دخل الوطن في دوامة من الانهيار الاقتصادي والتدهور المعيشي غير المسبوق. وأدت الحرب إلى تسريح أكثر من 80% من العاملين في القطاع الخاص، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2024، ما دفع بمئات الآلاف من الشباب والعائلات إلى هاوية الفقر والحرمان.
وبحسب تقارير أممية، فإن نحو 82% من سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في ظل انعدام الأمن الغذائي، وتدهور قطاعات التعليم والصحة، إلى جانب التضخم وارتفاع الأسعار، الأمر الذي حول حياة اليمنيين إلى صراع يومي من أجل البقاء.

معاناة لا تتوقف

“أبو أدهم” من صنعاء نموذج حي لمعاناة الطبقة العاملة. كان يمتلك معملًا لصناعة الحلويات أغلقه عام 2019 بعد أن تراكمت عليه الديون والإيجارات، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، وفرض الجبايات المستمرة من قبل المليشيا الحوثية تحت مسميات متعددة مثل: المجهود الحربي، والمولد النبوي، والضرائب، والزكاة، وأمانة العاصمة.
يقول أبو أدهم: “منذ دخول الحوثيين صنعاء ونحن في حالة استنفار دائم. أُغلِق متجري ، وأصبحت أعمل سائق دراجة نارية لإعالة أسرتي المكونة من سبعة أطفال. لا أبحث سوى عن فرصة للعيش بكرامة، وأتمنى أن تنتهي الحرب لنعود إلى حياة مستقرة وآمنة.”
أما “أبو رؤوف” من تعز، فيعمل في مهنة البناء، لكنه لا يجد عملًا إلا لأيام قليلة في الشهر. يقول: “بعد انهيار الاقتصاد وتدهور العملة، أصبحت الأعمال نادرة، ولا أتمكن من العمل سوى أربعة أيام في الشهر، رغم معاناتي من أمراض مزمنة. الوضع يزداد سوءًا كل يوم.”

تداعيات كارثية

انعكس الانهيار الاقتصادي على كافة أوجه الحياة الاجتماعية، خاصة في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية.،حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 85%، وفق تقديرات خبراء اقتصاديين. ويؤكد الباحث الاقتصادي” مجاهد البكري” أن البطالة وتراجع القدرة الشرائية دفعا شريحة واسعة من الشباب إلى الهجرة أو اللجوء إلى التجارة غير المشروعة، وأدى ذلك إلى ازدياد معدلات الجريمة.
ويضيف البكري: “تآكلت المدخرات الأسرية، وارتفعت معدلات التسرب من التعليم، واتسعت رقعة الأمية، إلى جانب انتشار الأمراض بسبب ضعف قدرة المواطنين على تغطية تكاليف العلاج. كما أن هجرة العقول ورؤوس الأموال إلى الخارج تنذر بمستقبل مظلم، في ظل إفلاس المشاريع، وعجز البنوك عن تقديم التمويل، مما أدى إلى شلل شبه كامل في القطاع المالي.”
وفي مناطق سيطرة الحوثيين، اتجه كثير من الأطفال والشباب إلى جبهات القتال، بحثًا عن لقمة العيش، في ظل انسداد أفق العمل والحياة الكريمة.

رمزية حزينة

في حين يُحتفل بعيد العمال في مختلف دول العالم باعتباره مناسبة لتكريم الجهود وتعزيز الحقوق، يفتقد العامل اليمني حتى الحد الأدنى من مقومات الحياة. إذ أصبح ضحية لصراع طويل الأمد، ومحرومًا من أبسط حقوقه، وأبرزها الحق في العمل والأمان والاستقرار.
ورغم هذه الصورة القاتمة، يبقى الأمل قائمًا بانتهاء الحرب، وعودة الحياة الطبيعية تدريجيًا، علّ عيد العمال القادم لا يحمل فقط رمزية الألم، بل يُعلن بداية لإعادة الإعمار واستعادة كرامة الإنسان اليمني التي أُهدرت تحت وطأة الفقر والبطالة والحرب،وانهاء الإنقلاب الحوثي الذي جلب الويلات للوطن الحبيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى