تراجع حفتر عن بيع النفط.. خضوع لتهديدات ترامب أم تذكير بسيطرته؟…..
الرشـــــاد بـــــرس. تقارير وكـــــــالات
تساؤلات عديدة تلك التي طرحها تراجع قوات خليفة حفتر، عن منع مؤسسة النفط التابعة لحكومة التوافق، من ممارسة عملها في تصدير البترول، لاسيما أن حفتر، عُرف بعناده وعدم التراجع عن قراراته.فقبل 3 أسابيع، قرر حفتر، تسليم موانئ الهلال النفطي لمؤسسة نفط موازية في مدينة بنغازي )شرق(، قبل أن يتراجع بشكل مفاجئ ويسلّمها إلى مؤسسة طرابلس.
وأعلنت المؤسسة، الأربعاء الماضي، تسلمها موانئ التصدير في منطقة الهلال النفطي)شرق(، من قوات حفتر المدعومة من مجلس نواب طبرق )شرق(، واستأنفت عملية إنتاج وتصدير النفط.تلك الخطوة قرأها سياسيون ليبيون من زوايا عدة، بينهم المسؤول السابق في قطاع النفط الليبي، فتحي رحيل، الذي قال إن “الرجل)حفتر( سلّم بالأمر الواقع بعد فشله في بيع النفط وتسويقه”.
وفي حديث للأناضول، أوضح “رحيل”، أن “حفتر، اصطدم بصخرة المجتمع الدولي الذي أعلن بشكل واضح تصديه لأي محاولة بيع للنفط خارج شرعية حكومة الوفاق في طرابلس”.
وأدان قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2362 عام 2017، المحاولات غير القانونية لتصدير النفط من ليبيا، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، من قبل المؤسسات الموازية التي لا تعمل تحت سلطة حكومة الوفاق.
وأضاف “رحيل”، أن “جميع عقود النفط وقعتها مؤسسة طرابلس )التابعة لحكومة الوفاق(، وبالتالي فإن أية محاولة للبيع خارج تلك المؤسسة ستفشل”
وقال: “هو ذات السبب الذي جعل حفتر، يسلم تلك الموانئ )لمؤسسة النفط في طرابلس( عندما سيطر عليها، وطرد قوات )إبراهيم( جضران منها”.وفي 12 سبتمبر/ أيلول 2016، تمكنت قوات حفتر من السيطرة على كامل الحوض النفطي)4 موانئ(، وطرد إبراهيم جضران، رئيس حرس المنشآت النفطية )فرع الوسطى( من المنطقة.
وأوضح “رحيل”، أن إنتاج وتسويق النفط عملية مزدوجة ومشتركة بين مؤسسة النفط الليبية وشركائها من شركات النفط الأجنبية التي تمتلك حصصا في النفط والغاز الليبي.
وقال إن “ذلك تحكمه منظومة متكاملة من الإجراءات والاتفاقيات الدولية والمحلية، أي خلل يترتب عليه قضايا دولية قد تضر بليبيا والشركات الأجنبية الشريكة، وهو ما تيقن إليه حفتر”.
لكن السياسي الليبي، فرحات الصالحين، اختلف مع “رحيل” قائلا: “إذا كان السبب فشل بيع النفط، فذلك سيستغرق أشهرا من حفتر لفهمه، ولن يعترف خلال أسبوعين فقط”.
واعتبر “الصالحين”، في حديث للأناضول، أن”حفتر، لن يعجز في تسويق النفط على الأقل في الدول الداعمة له )لم يسّمها(“
.وأضاف “المهربون ينجحون في بيع النفط بالسوق السوداء، فهل سيستعصي ذلك على حفتر؟”أما عن إمكانية نيته بهذه الخطوة، “مغازلة” سكان غرب ليبيا، استبعد “الصالحين” هذا الأمر أيضا.
وأوضح أن حفتر، “خسر رضا جزء كبير من أنصاره في الشرق بعد تراجعه عن القرار، مثلما كسب رضا من هم في غرب البلاد”
**أهداف حفتر…
وبعيدا عن تلك الفرضيات، قال الكاتب الليبي علي الزليتني، أن “هدف حفتر ليس النفط بحد ذاته، إنما سياسي، وقد نجح فيه بامتياز”
ويوضح الزليتني، “عندما اتخذ حفتر، قرار منع سلطات طرابلس من النفط، كان هدفه التلويح بورقة النفط، وتذكير خصومه والعالم أنها في يده”.
ويرى أن “النفط حاليا في يد حفتر، وهو الذي يسيطر عليه رغم تسليمه لمؤسسة طرابلس التي تديره فنيا فقط”.أما عن ثاني أهدافه، فيقول أنه “متعلق بورقة النفط والمفاوضة بها، تزامنا مع مطالبة الجميع بحوار جديد لتوحيد المؤسسات”.
ويعتبر الزليتني، أن حفتر سيكون في تلك الحوارات “صاحب موقف أقوى من قبل”.ولم يخفِ أيضا نية حفتر، تحقيق مكاسب اقتصادية من ذات الخطوة.
ويقول في هذا الصدد: “جزء من عائدات النفط الآن ستعود لقوات حفتر، أو على الأقل شرق البلاد التي يسيطر عليها، وذلك سيقويه أكثر”.
وفي ذات الاتجاه مع الزليتني، سارت الكاتبة الليبية تهاني دربي، رئيس تحرير صحيفة “الأحوال” الليبية، وتوقعت الأمر ذاته عبر صفحتها الشخصية في “فيسبوك”.وكتبت دربي، تقول “الغاية )من تراجع حفتر( كانت وقفة لإعادة ترتيب الأوراق )..( وإن أخذَ الأمر عند بَعضنا وقتا أطول حتى يفهم”.
وفي السياق ذاته، جاء تبرير خطوة حفتر، على لسان الناطق باسم قواته العميد أحمد المسماري، الذي قال إن ذلك حدث بعد أن”تحقق الهدف”.المسماري، وفي مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، قال إن “تسليم النفط لمؤسسة طرابلس، جاء بعد ترحيب الجميع عبر بيانات بالنقاط الخمسة التي وضعتها القيادة العامة في بيانها الأخير”.
وطرح حفتر، الإثنين الماضي، 5 نقاط لـ”معالجة” أزمة النفط؛ من بينها تشكيل لجنة تحقيق دولية ومحلية للتحقيق في تمويل الإرهاب، وكيفية التصرف في أموال النفط.وعلى الرغم من تبرير حفتر المعلن، فإن صحفا وقنوات محلية ودولية كشفت سببا آخرا في هذا الشأن، يتمثل في “ضغوطات المجتمع الدولي عليه، وإرغامه على التراجع”.وتلك الضغوطات تمثلت، بحسب الإعلام المحلي والدولي، في رسالة “شديدة اللهجة”، وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لـ”معرقلي تدفق النفط الليبي”.
قناة “218” الليبية، الداعمة لحفتر، ذكرت نقلا عن مصادر خاصة، أن “رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح )الموالي لحفتر(، والمجلس الرئاسي فائز السراج، تلقيا رسالة من ترامب، ينتقد فيها معالجتهما لأزمة الهلال النفطي الأخيرة”.
وبحسب الرسالة، التي قالت القناة إنها اطلعت عليها، فإن ترامب “توعد السراج وعقيلة، بالملاحقة الدولية عبر قوانين العقوبات المعمول بها في هذه الأطر كمرحلة أولى تلحقها تهديدات مباشرة تصل حد استخدام القوة”.إلا أن السراج وعقيلة، نفيا تلقيهما رسالة تهديد ووعيد من ترامب.
ومن المعروف أن أي عملية بيع للبترول الليبي،فإن إيراداته المالية تصب مباشرة في البنك المركزي بطرابلس، التابع لحكومة الوفاق، والذي حاول عقيلة صالح، تسمية مدير جديد للبنك، دون أن ينجح في ذلك لحد الآن.
** النفط الليبي
يدخل حسابات ترامب لإرباك إيران وأبرزت قناة “218”، البُعد الدولي لقضية النفط الليبي، مشيرة إلى أن ترامب، اهتم بالقضية في إطار مساعي البيت الأبيض لزيادة الإنتاج العالمي من النفط، ليقل سعره وفق معادلة العرض والطلب.
وأوضحت أن “رسالة ترامب، لم تخفِ تعويله على زيادة إنتاج النفط الليبي، لإرباك الحسابات الإيرانية في مطلب متكرر من الإدارة الأمريكية بزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار داخل منظمة الدول المصدرة للنفط )أوبك(.
ولفتت القناة إلى أن “اهتمام الرئيس الأمريكي يظهر بوضوح بملف النفط مؤخرا، من خلال اتصال أجراه بالعاهل السعودي الملك سلمان، لزيادة إنتاج النفط لتعويض نقص الإنتاج العالمي”.
وأضافت أن ترامب، “انتقد اتفاق أوبك الأخير”.ورجحت أن “تكون حدة القلق ارتفعت عند الإدارة الأمريكية حول ما يحدث في الهلال النفطي الليبي”
.وقابلت تأكيدات الإعلام الليبي والدولي في اليومالتالي نفي من جانب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح
.وتسببت الأزمة في توقف التصدير من هذه المنطقة التي يُصدر عبرها معظم إنتاج ليبيا من النفط، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج إلى 527 ألف برميل يوميا مقارنة بأكثر من مليون برميل في 13 يونيو / حزيران الماضي.ويدور صراع على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط بين حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، و”الحكومة المؤقتة” المدعومة من حفتر، وتسعى الأمم المتحدة إلى إنهاء النزاع عبر عملية سياسية
الاناضول