مقالات
اليمن منعطف خطير لكنه مهم
بقلم/عبدالله النهيدي
كثيرة هي المنعطفات في الأزمة اليمنية بدءاً من دماج وحتى دخول صنعاءعاصفة_الحزم وقبلها خروج الرئيس هادي من صنعاء ثم مقتل الرئيس السابق وأخيراً استهداف ناقلة النفط السعودية وتهديد الملاحة الدولية, وبين كل هذه الأحداث تخللت أحداث كبيرة وصغيرة, لكن القاسم المشترك في أغلب هذه الأحداث هو عنصر المفاجأة وهو الأمر الذي حير المحللين وضيق مساحة التكهنات عندهم.
إلا أن الإستراتيجية المتبعة من قبل القوى العالمية منذ بدء الأزمة لم تتغير كثيراً وهي الاستماتة في إيجاد مخارج وحلول ترضية للحوثيين وكأنهم الشرعية وغيرهم الانقلاب, ومنذ بدء عاصفة_الحزم المباركة والقوى العالمية تتجه بالضغط في جانب واحد فقط هو التحالف والشرعية, تاركة الحبل على الغارب للحوثيين ليفعلوا ما يشاؤوا من استهداف المقدسات كضرب مكة المكرمة بصاروخ باليستي, ثم ضرب المدن الآهلة بالسكان كالرياض واستهداف المنشئات المدنية الحيوية كمطار الرياض عدا استهداف مدن يمنية ووقوع ضحايا مدنيين في تعز ومأرب وغيرها مما يعد في القانون الدولي جريمة حرب تجب المحاسبة عليها.
في نظري أن الحوثي يتصرف بغباء محرج لحلفائه وداعميه وهم لا يكلون ولا يملون من ايجاد مخارج له في كل مرة, وبالنسبة لاستهداف الملاحة الدولية, أخيراً في باب المندب فهي ليست رسالة حوثية خالصة, بل رسالة إيرانية للغرب وللمجتمع الدولي أن إيران قادرة على تعطيل تصدير النفط ولكن بأيادي غير إيرانية وفي أراضي بعيدة عن سواحلها وبالتالي تحصل على ما أرادت من تنفيذ تهديداتها لا بيدها ولكن بأداوتها وأذرعتها في المنطقة من غير أن تتحمل هي التبعات القانونية أو ردت الفعل الدولية في حال عطلت مضيق هرمز بسلاح إيراني, فلجأت إلى حيلها الخبيثة والمتعودة عليها في كل حروبها بالوكالة التي تستخدم فيها السذج من شيعة العرب في العراق ولبنان واليمن وتسميهم إيران شيعة الشوارع, في حين تخرج هي من كل هذه الجرائم طاهرة اليدين,
إيران إذاً ـ ومللنا من تكرار كلمة إيران ـ هي المستفيد الأول والأخير من حماقات الحوثي وعربدته, ولا حل سوى بقطع هذه الذراع التي ازعجت العالم وأصبحت تهدد أمنه وملاحته الدولية برمتها, وعندما تعلن السعودية تعليق شحنات النفط التي تمر عبر باب المندب وتتبعها الكويت وغيرها من الدول المنتجة, فسوف ترتفع أسعار النفط في أوروبا وأمريكا وسيكون الشتاء القادم قارساً وصعباً ولن تكفي معاطف الأوروبيين لتدفئة أجسادهم الباردة من الإحساس بالمسؤولية الدولية لمساندة سلطة مليشاوية همجية إرهابية, هنا سيتحركون من أجل مصالحهم فقط, لكن التحرك اليوم لتحرير الحديدة وجميع مدن الساحل الغربي سيكون أقل كلفة وأكثر قانونية بعد الذي جرى, ولن يفقد الحوثيون المكان الآمن لاستهداف الملاحة الدولية فقط بل سيفقدون المبرر في الوجود أصلاً, ولن تكون الجبال حامية ولا نافعة لهم لا من طوفان الشرعية ولا من مستحقات الأتباع الذين سيعجزون بعد الحديدة عن دفع رواتبهم لأنها الشريان الذي يبقيهم على قيد الحياة طول هذه السنين, ولن تستطيع إيران أن تصل إليهم عندما يكون الساحل سياجاً مانعاً من وصول الصواريخ والذخائر والخبراء وكل أنواع الدعم, ولو قال عبدالملك الحوثي, أن الجبال حصنه المنيع فنقول ما قال نوح عليه السلام { لا عاصم اليوم من أمر الله وحال بينهما الموج فكان من المغرقين } رداً على ابنه العاق كعقوق الحوثي لأبناء اليمن حينما قال { سئآوي إلي جبل يعصمني من الماء }.