من القاهرة.. بومبيو يوجه انتقادات لاذعة لسياسات أوباما
دولي
الرشاد برس…..رويترز
ب – اتهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يوم الخميس بنشر الفوضى جراء تخليه عن الشرق الأوسط وتركه للإسلاميين للمتشددين والنفوذ الإيراني، في انتقاد لاذع لسياسات الرئيس السابق حتى في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية من سوريا.
وفي كلمة ألقاها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة تخلى بومبيو عن عرف دبلوماسي أمريكي راسخ بعدم تناول الخلافات المحلية علنا في الخارج، وشن هجوما حادا على أوباما في نفس العاصمة التي ألقى فيها الرئيس السابق كلمة مهمة عام 2009 استهدفت تحسين العلاقات مع العالم الإسلامي.
وقدم بومبيو أمريكا باعتبارها ”قوة خير في الشرق الأوسط“ مشيرا إلى أن أوباما رأى الولايات المتحدة باعتبارها ”قوة تقف وراء ما يعاني منه الشرق الأوسط“. وأثارت كلمة الوزير انتقادات مسؤولين أمريكيين سابقين ومحللين اتهموه باعتماد قراءة خاطئة للتاريخ والتغطية على رغبة ترامب بتقليص التزامات الولايات المتحدة في المنطقة.
وانتقد بومبيو أيضا أوباما لتهوينه من ”قوة وضراوة التشدد الإسلامي“ عندما أخفق في تقديم المساعدة المناسبة للاحتجاجات الشعبية الحاشدة في إيران على نتائج الانتخابات عام 2009 والتي عرفت باسم ”الحركة الخضراء“. كما عاب عليه عدم قصف سوريا انتقاما لاستخدام القوات الحكومية أسلحة كيماوية في الحرب الأهلية.
وقال بومبيو ”ماذا تعلمنا من كل ذلك؟ تعلمنا أنه عندما تنسحب أمريكا تحل الفوضى. وعندما نهمل أصدقاءنا يتنامى السخط. وعندما نتشارك مع أعدائنا يتقدمون“.
ولم يورد بومبيو اسم أوباما وإنما أشار إليه بأنه ”أمريكي آخر“ ألقى كلمة في القاهرة. ورفض مكتب أوباما التعليق.
ويقوم بومبيو بجولة في المنطقة لتفسير الاستراتيجية الأمريكية بعد إعلان ترامب المفاجئ سحب كل الجنود الأمريكيين وعددهم 2000 جندي من سوريا، الأمر الذي أثار قلق حلفاء وأصاب مسؤولين أمريكيين كبارا بالصدمة ودفع وزير الدفاع جيم ماتيس للاستقالة.
ومن غير المعتاد لوزير خارجية أمريكي أن يلقي كلمة في عاصمة أجنبية ويهاجم فيها رئيسا سابقا. لكن ترامب سعى بشكل مستمر للتقليل من شأن سلفه وغيَّر سياسات أوباما في قضايا مثل الاتفاق النووي مع إيران والاتفاقات التجارية واتفاقية باريس للمناخ فضلا عن سياسات داخلية.
وسعى بومبيو إلى طمأنة الحلفاء بأن واشنطن ستظل ملتزمة ”بالقضاء الكامل“ على الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد وبإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا على الرغم من قرار ترامب سحب قواته من ذلك البلد.
وانتقد بومبيو ما وصفه برغبة أوباما ”في السلام بأي ثمن“ والتي دفعته لإبرام الاتفاق النووي عام 2015 الذي وافقت إيران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يتحدث في الجامعة الأمريكية بالقاهرة يوم الخميس. صورة لرويترز من ممثل لوكالات الأنباء.
وانسحب ترامب من الاتفاق ومضى فيما تصفه إدارته بسياسة ممارسة ”أقوى ضغط ممكن“ على إيران في مسعى لإجبارها على تقييد البرنامج النووي وأنشطتها للصواريخ الباليستية والكف عن دعم قوات تخوض حربا بالوكالة في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
وسخر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من كلمة بومبيو وكتب على تويتر ”حينما وأينما تتدخل الولايات المتحدة تحل الفوضى والنقمة والقمع“.
وعلى الأرجح لن يتفق كثير من الناس في الشرق الأوسط مع تأكيد بومبيو بأن الولايات المتحدة قوة خير في المنطقة، إذ أن هناك الكثير من القضايا في المنطقة لا تزال جدلية إلى حد بعيد مثل الدعم الأمريكي لإسرائيل والانقلاب الذي دعمته أمريكا عام 1953 للإطاحة بمحمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني الذي كان يحظى بشعبية والغزو الأمريكي للعراق عام 2003 لإسقاط الرئيس صدام حسين.
* شعور أمريكي ذاتي بالعار
دعا أوباما، في خطابه الذي ألقاه بجامعة القاهرة في يونيو حزيران 2009، إلى تفاهم متبادل أفضل بين العالم الإسلامي والغرب وقال إن على الجانبين بذل مزيد من الجهود للتصدي للتطرف العنيف. واعتبر الجمهوريون أن حديث أوباما ينطوي على اعتذار للعالم عن أفعال الولايات المتحدة بالخارج.
وقال بومبيو ”الأنباء الطيبة هي أن عصر الشعور الأمريكي الذاتي بالعار انتهى وولت معه السياسات التي تسببت في كل هذه المعاناة غير اللازمة“.
وسرعان ما قوبلت كلمة بومبيو بانتقادات من خبراء في شؤون الشرق الأوسط بالإضافة لمسؤولين خدموا في عهد أوباما اتهموا وزير الخارجية بانتهاك العرف الأمريكي بعدم الخوض في الشأن الداخلي في الخارج.
وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية ”يبدو الأمر وكأنه تجسيد لمقولة ‘نسمع جعجعة ولا نرى طحنا‘… هناك لغة مفعمة بالطموح لكن لا يوجد التزام أمريكي فعلي بتقديم موارد. يمكنك أن تفسر ذلك بأنه محاولة لصرف الانتباه عن استمرار تراجع التزامات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط“.
وعلى تويتر وصف مارتن إينديك، الذي خدم في إدارة أوباما، الكلمة بأنها ”هجوم مخز على أوباما“.
غير أن كلمة بومبيو لاقت ترحيبا من وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الذي وصفها بأنها رسالة دعم للحلفاء والأصدقاء.
وقال قرقاش على تويتر ”كلمة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو… مهمة في دعمها للاستقرار الإقليمي وتشخيصها للأخطار التي تواجه المنطقة. واشنطن، عبر وزيرها، تؤكد على أهمية تحالفاتها ودعم أصدقائها“.
وانتقد بومبيو مباشرة خطاب أوباما عام 2009.
وقال بومبيو ”تذكروا أنه في هذه المدينة وقف أمريكي آخر أمامكم. قال لكم إن إرهاب التطرف الإسلامي ليس نابعا من فكر. قال لكم إن هجمات 11 سبتمبر قادت بلادي للتخلي عن مُثلها ولا سيما في الشرق الأوسط“.
وأضاف ”قال لكم إن الولايات المتحدة والعالم الإسلامي بحاجة، وأنا أنقل عنه نصا، لبداية جديدة. نتائج هذه الأحكام الخاطئة كانت وخيمة… عندما اعتبرنا أنفسنا، خطأ، أننا وراء ما يعاني منه الشرق الأوسط، كنا متهاونين في تأكيد وجودنا عندما طالبنا الوقت وشركاؤنا بذلك“.
رويترز