مقالات

سحب البساط عن قطر..وصُداع الإسلاميين

كاتب صحفي
كاتب صحفي

 

أمجد خشافة

بمصطلح العلاقات الخارجية تصنف قطر بأنها دولة “غير قانعة” أي أنها غير مقتنعة بحجمها السياسي التي تسعى إلى التوسع في كل منطقة في العالم بعكس الدول التي اكتفت بحجمها وانزوت بنفسها كدولة عمان مثلاَ.

 

هذه السياسة تجاوزت قيود دول منطقة الخليج باعتبارها لا تتماشى مع دينمو الحراك الثوري الذي طال بعض الدول العربية ووصلت موجاته إلى قواعد ومماليك الخليج، إذ جاء بيان سحب سفراء السعودية والبحرين والامارات من دولة قطر بعد أن مثلت سياسة قطر في دعمها للثورات العربية صداع مزمن في رؤوس ملوك دول مجلس التعاون الخليجي برئاسة المملكة العربية السعودية.

 

وفي كلمة الدكتور يوسف القرضاوي نهاية الشهر الماضي من الأراضي القطرية التي وجهت نقدا لاذعا لسياسة الامارات والسعودية في دعم الانقلاب في مصر مثلت قنبلة سياسية أظهرت الصَدع بين قطر والسعودية والامارات وأنها كانت أحد المسببات الرئيسية التي ستغير من الخارطة السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي حسب ما توقعه عبد الباري عطوان في حينه.

 

ورغم أن الملف المصري بعد الانقلاب وقبله كان هو السبب الرئيسي في هذا الصَدع بين قطر والسعودية إلا أنه كان بالنسبة للسعودية تتويجا لسلسة من التحركات القطرية التي تعتبرها المملكة تهديداَ لكراسي المُلك من المد الإسلامي الحركي بجناحية الاخوان المسلمين والتيار السلفي “الحركي”.

 

فقد تحولت قطر إلى ملاذ آمن لأغلب قيادات التيار الإسلامي الحركي في العالم الاسلامي والعربي الذين قذفتهم أنظمتهم ونفتهم خارج أراضيها فكانت قطر هي الدولة التي استطاعة أن تستقطبهم إلى أراضيها خلال العشر السنوات الماضية، فقيادات الجماعة الإسلامية المصرية أغلبهم متواجدون في قطر أمثال عصام عبد الماجد وهو عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية والمتحدث باسمها، ومحمد الصغير قيادي في الجماعة اﻹسلامية، وطارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، وعبد الوهاب شيحة قادي بارز في الجماعة.

 

ومن القيادات الفاعلة في العالم الإسلامي المقيمين في قطر الشيخ محمد بن سرور مؤسس الحركة “السرورية” السلفية في دول الخليج ولها انتشار في العالم الإسلامي وأغلب قياداتها زجت بهم السلطات السعودية في السجون إلى الآن، كذلك الشيخ محمد يسري مصري وهو أحد القيادات السلفية التي شاركت في الثورة المصرية، وعلي السالوس عالم ومفكر إسلامي مصري.

 

وأما حركة الإخوان فيتواجد في قطر الدكتور يوسف القرضاوي أبرز القيادات المؤثرة في حركة الإخوان المسلمين، إضافة إلى المفكر والمؤرخ الإسلامي د.علي الصلابي ليبي الجنسية، والشيخ محمد كريم راجح شيخ القراء في بلاد الشام، والشيخ علي القرة داغي الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين –كردي الجنسية-، واحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية سابقاَ، وطارق الهاشمي نائب رئيس دولة العراق سابقا وأحد قادة الحزب الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الإخوان، إضافة إلى قيادات حركة حماس التي استقطبتهم قطر إلى أراضيها.

 

وبما أن السعودية والبحرين والامارات تريد سحب البساط عن قطر وتحجيم احتوائها للحركات الإسلامية وقياداتها وإسكات قناة الجزيرة لهجومها ضد الانقلاب في مصر من خلال هذا القرار فإنه يعد أول قرار جريء يشهده مجلس التعاون الخليجي منذ ثلاثين عاما من تأسيسة، الأمر الذي سيقسم دول الخليج الى أقسام متناحرة، ولن يكون المستفيد من هذا الموقف إلا إيران الذي سيكون من السهل عليها في قادم الأيام مزيد من ابتزاز السياسي لكلا من الامارات والسعودية والبحرين.

 

وأخيرا إن كانت قطر قد كسبت التيارات الإسلامية وقياداتها فما الذي كسبته السعودية والبحرين والامارات سوى مزيد من العداء للتيار السني الحركي إضافة إلى قلق التشيع المنتشر في المنطقة الأمر الذي سيكون أحد الأسباب الرئيسية في تقويض أنظمتهم المَلَكية في قادم الأيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى