تقارير ومقابلات

حملة الجزائر ضد الفساد.. حرب على “رجال” بوتفليقة


الرشاد برس تقارير ومقابلات
من المحيط المباشر للرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، إلى رؤساء سابقين لحكوماته، نزولا إلى وزراء وكبار مسؤولين، وصولا إلى رجال أعمال.
4 مستويات شملتها حملة أمنية وقضائية مستمرة، طالت جميع من يشتبه بتورطه في الفساد.
موجة غير مسبوقة تعيش على وقعها الجزائر منذ مطلع أبريل/ نيسان الماضي، تاريخ استقالة بوتفليقة، شملت تقريبا جميع مستويات القرار، سواء الرسمي، أو المحيط الضيق للرئيس المستقيل، أو مجال الأعمال.
ويواجه أغلب هؤلاء المسؤولين السابقين تهما ثقيلة، من قبيل “التآمر على الجيش والدولة”، و”إبرام صفقات وعقود مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به”، و”تبديد أموال عامة”.
وتعود وقائع هذه القضايا، في مجملها، إلى سنوات خلت، أي حين مُنحت مشاريع ضخمة لرجال أعمال مقربين من الرئاسة، قبل أن تشملهم حملة سميت محليا بـ”حملة تطهير الفساد، ليتم إيقاف أغلب هؤلاء، وإخضاعهم لتحقيقات أفرزت عن متهمين جدد من كوادر ومدراء مؤسسات عامة حكومية.
** المستوى الأول: “رؤوس العصابة”
“رؤوس العصابة” أو “القوى غير الدستورية”، هو توصيف أطلقته قيادة الجيش الجزائري على محيط بوتفليقة، وفي مقدمته شقيقه السعيد، من المتهمين بالسطو على صلاحياته في سنوات حكمه الأخيرة.
ويقبع سعيد، منذ مطلع مايو/ أيار الماضي، بالسجن العسكري بالبليدة جنوب العاصمة الجزائر، بتهم “التآمر على الدولة والجيش”، بالإضافة إلى رئيسي جهاز المخابرات السابقين، محمد مدين وبشير طرطاق، بعد اكتشاف المؤسسة العسكرية مخططا للانقلاب على قيادة الأركان بسبب دعمها للحراك الشعبي.
** المستوى الثاني: رؤساء حكومات
الأربعاء الماضي، شهدت البلاد حدثا غير مسبوق في تاريخ القضاء، بإيداع رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى السجن، بعد مثوله أمام المحكمة العليا للتحقيق معه في قضايا “فساد”.
وأويحيى، يعد أبرز رموز نظام الحكم في البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي، وسبق حتى بوتفليقة إلى مفاصل السلطة، كما أنه يشغل، منذ ذلك الوقت، منصب أمين عام حزب “التجمع الوطني الديمقراطي”، ثاني أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان والمجالس المحلية.
ومنذ عام 1995، شغل أويحى رئاسة الحكومة في 5 دورات، كان آخرها بين أغسطس/آب 2017 ومارس/آذار 2019، قبل أن يستقيل في 11 من الشهر الأخير، على خلفية الحراك الشعبي الذي دفع بالرئيس بوتفليقة إلى الاستقالة.
وبعد يوم واحد من سجن أويحيى، أودع قاضي التحقيق بالمحكمة العليا رئيس الوزراء الجزائري الأسبق عبد المالك سلال، الحبس المؤقت على خلفية نفس التهم.
وتولى سلال منصب رئيس الوزراء بين مايو/ أيار 2012 حتى الشهر نفسه من 2017، وقبلها شغل عدة حقائب وزارية، كما تولى منصب مدير حملة بوتفليقة في رئاسيات 2004 و2009 و2014.
** المستوى الثالث: وزراء ومسؤولون
سهم القضاء طال أيضا وزراء من المعروفين بقربهم من دوائر الحكم في عهد بوتفليقة، وتولوا خلال فترة حكمه عدة حقائب وزارية أو مناصب سامية لسنوات طويلة.
وحاليا، توجد أمام قاضي التحقيق بالمحكمة العليا قائمة تضم ثمانية وزراء سابقين ومحافظين اثنين، يتم استدعاؤهم تباعا للتحقيق معهم في قضايا “فساد”، إلى جانب قضية الوزير الأسبق للطاقة شكيب خليل، والتي أعيد فتحها مجددا على خلفية شبهات “فساد” في شركة المحروقات الحكومية “سوناطراك”.
وجرى، حتى الآن، استدعاء وزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس، وهو الأمين العام الحالي للحركة الشعبية الجزائرية (حزب علماني).
ومن القائمة نفسها، وضع ثلاثة وزراء سابقين تحت الرقابة القضائية؛ وهم كريم جودي وزير المالية بين 2007 و2011، وعبد الغني زعلان مدير حملة بوتفليقة ووزير النقل والأشغال العامة السابق بين مايو/ أيار 2017 ومارس/ آذار 2019، إلى جانب عمار تو وزير النقل بين 2008 و2013.
وينتظر أن يمثل خلال الأيام القادمة، أربعة وزراء سابقين للتحقيق معهم في نفس التهم، بينهم بوجمعة طلعي، وزير النقل والأشغال العامة الأسبق (2015/2017)، وهو نائب حالي بالبرلمان.
والثاني هو عبد القادر بوعزقي، وزير الفلاحة بين 2017 ومارس/ آذار 2019، إضافة إلى عمار غول وزير الأشغال العامة بين 2002 و2013 (تجري حاليا إجراءات رفع الحصانة عنه كنائب في البرلمان)، وعبد السلام بوشوارب وزير الصناعة الأسبق بين 2014 و2017.
وسابقا، أعلنت المحكمة العليا فتح ملفات في شبهات فساد في شركة النفط الحكومية “سوناطراك”، في عهد وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل الذي تولى المنصب بين 1999 و2010.
وتتعلق التهم بـ”إبرام صفقات مخالفة للقانون مع شركات دولية”، لكن لم يتم برمجة المحاكمة بعد.
من جهة أخرى، أعلن مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، رفع الحصانة عن كل من الوزير الأسبقين؛ للتضامن جمال ولد عباس (2008/ 2010)، وسعيد بركان ((2010/ 2012)، بطلب من القضاء لمحاكمتهما في قضايا فساد خلال توليهما مقاليد هذه الوزارة
ويوجد في قائمة المحكمة العليا، أيضا، عبد القادر زوخ، محافظ العاصمة السابق بين 2013 وأبريل/ نيسان 2019، والذي قرر قاضي التحقيق الإثنين، وضعه تحت الرقابة القضائية، فيما ينتظر جمال خنفار محافظ البيض (جنوب غرب)، حاليا، دوره للمثول أمام القضاء في تهم فساد أيضا.
التحقيقات القضائية طالت أيضا اللواء عبد الغني هامل مدير الشرطة السابق الذي استدعي للتحقيق قبل أسابيع، رفقة نجله، من قبل محكمة تيبازة غرب العاصمة، في قضايا فساد تخص تهم “أنشطة غير مشروعة”.
وقاد هامل الشرطة بين عامي 2010 و2018، ويعد من الشخصيات الأمنية المقربة من بوتفليقة.
** المستوى الرابع: رجال أعمال
خلال الأيام الماضية، شهدت الجزائر توقيف رجال أعمال من أثرياء البلاد، ومنع آخرين من السفر، على خلفية تحقيقات حول “الفساد”.
وجر المشتبه بهم معهم العشرات من الكوادر في وزارات ومدراء مؤسسات حكومية.
أول رجال أعمال الموقوفين كان علي حداد الذي جرى توقيفه نهاية مارس/آذار الماضي، في معبر حدودي مع تونس، وهو بصدد مغادرة البلاد، وبقي رهن التوقيف.
وحداد؛ رجل أعمال عرف بقربه من بوتفليقة وشقيقه السعيد، وكان أحد أبرز ممولي حملاته الانتخابية، ويمتلك مجمّعين أحدهما للمقاولات العامة، وآخر إعلامي، علاوة على شركات أخرى وعقارات وطائرة خاصة.
ونهاية أبريل/ نيسان الماضي، سجن الملياردير يسعد ربراب، أغنى رجل في البلاد، على ذمة التحقيق، على خلفية اتهامات بـ”الفساد المالي”.
ولا يعرف عن ربراب قربه من بوتفليقة، لكن وسائل إعلام محلية تقول إنه الذراع المالية لما يسمى بـ”الدولة العميقة” (النظام السابق) بقيادة قائد المخابرات السابق الجنرال محمد مدين الموقوف هو الآخر.
وطالت التحقيقات أيضا رجل الأعمال محي الدين طحكوت، الذي جرى توقيفه قبل أسبوع بشبهة فساد.
رجل الأعمال مراد عولمي، يعد أيضا من ضمن الشخصيات التي طالها القضاء، حيث جرى توقيفه مؤخرا في إطار الحملة نفسها
الاناضول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى