مقالات

غياب القيم

images (1)

عبدالكريم بلكم

في أزمنة الخراب تضطرب الحياة وتلتبس الأمور فيجتاح الهمج البرابرةكل شيء بهستيريةووحشية مفرطة ثم يشار إليهم على أنهم رسل الخير وحمائم السلام في أزمنة الميليشيات والعصابات يتلاشى العقل والمنطق وتضمحل القيم والأخلاق لتصبح نوعا من الترف وتسود شريعة الغاب وتتخذ كلمات جوفاء واهية كحجج دامغة لتصفية الخصوم والأعداء في زمن كهذا تغيب الدولة جبرا أو عن طيب خاطر فهي إما خائن أو ضعيف جبان فتزداد نزعة القمع وتعلو شرعية الانتقام فترى البرابرة يقتحمون بيوت خصومهم التي لم تكن ساحة صراع ولم يأتهم منها أي أذى يذكر ، يقتحمونها في غيبة أصحابها يدخلونها ببربريتهم العاتية وبحقد أحمق يقودهم إلى الدمار يكسرون الأبواب ويطلقون الرصاص على الأقفال يطؤن السجاد بغيظهم قبل أحذيتهم المهترئة البالية ويعيثون فسادا في أرجائها بل ويدخلون غرف النوم ممسكين ببنادقهم الخرقاء جالسين على الأسرة يلتقطون الصور التذكارية والابتسامة تعلو وجوههم وكأنهم في حديقة حيوانات أو متنزه عام وليس في أماكن مصونة لايجوز انتهاكها ليس هناك مايبرر هذه الافعال اللامسؤولة والخارجة عن أطر الشرع والقيم وتقاليد القبيلة الأصيلة بل هي أشبه ماتكون بأعمال قطع الطرق والعصابات.

قد يقول قائل :هذه القصور والمنازل ملك الشعب الذي نهبه الفاسدون وآن للشعب أن يسترد ما أخذ منه ، قد يكون هذا الكلام صحيحا وقد يكون خاطئا كذلك حتى وإن صح فلابد من إقامة الإدلة والبراهين على ذلك وتقديمها لجهات الضبط المختصة والمخولة بالبت في هذه الأمور وإلا فلو كان الوضع هكذا لادعى كل شخص أو جماعة ما شاءو ولاستبيحت أموال الناس وأصبحت الحال خبط عشواء وفوضى عارمة ثم إن للبيوت حرماتها المكفولة شرعا وقانونا ولايحق لأحد دخولها إلا بإذن من أصحابها فضلا عن اقتحامها والعبث بها وبث الرعب في قلوب أصحابها ونهب محتوياتها وتفخيخها وتفجيرها مما يعد جرائم ترفضها منظومة القيم ويحاسب القانون فاعيلها أعمال كهذه تقترفها مسيرة الخراب تنذر بالشؤم والهلاك ولابد أن يقف الجميع سدا منيعا دون ذلك حتى وإن غابت السلطات الرسمية في خضم المراهنات والحسابات السياسية الضيقة ونسيت أو تناست دورها الأساس في الحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم فلاينبغي أن يغيب صوت العقلاء والمصلحون من أحزاب وسياسين وعلماء ونخب مثقفة في رفض كل تلك المظاهر وتجريمها صرآحة وبملأ الفم، فالأيام دول وأي ضيم يجري على الآخر بسكوتنا عنه سنكون فريسته القادمة فالصمت قاتل أحيانا وكما تدين تدان القضية هنا ليست دفاعا عن شخص بعينه أو جماعة بذاتها بقدر ما هي انتقاد موضوعي لسلوك معين وظاهرة خطيرة تعكر الصفو وتهدد السلم الاجتماعي بجرها قاطرة الأحقاد وشهوة الانتقام التي إن اشتعلت فستطال ألسنة لهبها الجميع وواهم من ظن أنه سيكون في معزل عن لظاها وعند ذاك سيكون إطفاؤها من الصعوبة بمكان هذا ما لم يكن مستحيلا فشرعية الانتقام لن تبقي على أحد فنحن أحوج ما نكون الآن إلى جرعة تسامح وأظن أنه مازال في الوقت بقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى