تقارير ومقابلات
المليشيا وتهجير المدنيين ، حكايات وقصص لا تنسى
الرشاد برس | تقرير / آواب اليمني
ربما لو فتشنا في تاريخ الجماعات الارهابية ، سنجد أنها ترتكب ابشع الجرائم ، لكنها لا تقوم بتهجيرهم وطردهم من منازلهم ، وربما تتشابه جميع الجماعات الارهابية على كل تلك الجرائم والانتهاكات ، وما مليشيا الحوثي الانقلابية ببعيد.
وكغيرها كأي جماعة ارهابية ، عمدت المليشيا الانقلابية على أن تجعل من السلاح وسيلة لفرض وجودها ومعتقداتها وهيمنتها وأفكارها الطائفية في بلادنا ، ولم تكتف بهذا وحسب بل تتعمد يوميا ابتزاز المدنيين ، ونهبهم ثرواتهم ومقدراتهم تحت مسميات واهية ، تارة تحت مسمى المجهود الحربي ، وتارة أخرى لمواجهة وباء كورونا ، ولم تعرف هيا أنها هي الوباء واصل الوباء الذي ينخر البلاد منذ ست سنوات متتالية ، والان تستحدث ذريعة جديدة لنهب المواطنين تحت مسمى مواجهة العدوان والحصار والاكتفاء الذاتي ، وفي مثل من هم على منوال المليشيا الانقلابية نقول لهم :
“الا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون”
ومنذ انقلاب المليشيا الحوثية ، تعمدت على إفشال كل الجهود المحلية والإقليمية والدولية لإحلال السلام والتعايش في البلاد.
ولأن المليشيا لا تفهم الا لغة السلاح والقوة ، فإن كل من يعارضها او يعارض معتقداتها ، او يرفض افكارها فإن مصيره واحدة من ثنتين :
القتل ، او السجن والتهجير ، وفي هذا السياق قامت المليشيات الحوثية وبكل جرأة على تهجير كل من يختلف معها سياسياً أو فكرياً أو دينياً أو مذهبياً واستخدمت القوة لتحقيق ذلك.
عملية التهجير العلني لأتباع الطائفة البهائية في بلادنا، على يد مليشيات الحوثية نهاية يوليو الماضي، والتي جاءت بإشراف الأمم المتحدة لم تكن إلا آخر فصول الإرهاب والتطرّف المليشاوي والذي سبق وأن طال كافة شرائح مجتمعنا اليمني.
الثلاثون من يوليو الماضي، في هذا اليوم قامت المليشيا الحوثية بالافراج عن 6 من أتباع الطائفة البهائية بعد أن اختطفتهم وأخضعتهم لأشد أنواع التعذيب والحرمان في سجونها في صنعاء لسنوات بسبب آرائهم ومعتقداتهم الدينية.
وبعد سنوات من التعذيب والتنكيل بدون سبب ، كان الشرط الرئيس لإطلاقهم هو نفيهم إلى خارج بلادنا وهو ما تم بالفعل وبوساطة الأمم المتحدة التي أشرفت على نقلهم بطائرة أممية من صنعاء إلى خارج بلادنا.
ومنذ سنة 2018 شنّت مليشيات الحوثي حملات ملاحقة واختطافات واسعة طالت أتباع الطائفة البهائية بتهم تتعلق بالردة والتجسس، وتلاها عمليات نهب شاملة لممتلكات قيادات وأفراد الطائفة وملاحقة أسرهم وتهجيرها ، وما يزال العديد منهم قيد الاختطاف والإخفاء القسري في سجون المليشيات.
ومطلع العام الجاري 2020، أجبرت المليشيات الحوثية 24 يمنيًا من أتباع الطائفة البهائية على المثول أمام محكمة تسيطر عليها في صنعاء، في محاكمة غير قانونية، ووصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها “لا تلبّي أيًا من شروط العدالة وتمثّل مظهرًا آخر للتشدّد وإنكار حرّية المعتقد والضمير وانعدام التسامح”.
وأكدت مصادر حقوقية أن الحوثيين شنّوا حرباً صفرية ضد البهائيين مستغلّين سيطرتهم على أجهزة ومؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، وبتحريض مباشر ضدهم من زعيم الحوثيين الذي اعتبر في خطابات متلفزة معتقدات أتباع الطائفتين “البهائية والأحمدية” “افتراء وضلال وباطل.. وراءه نشاط أو دفع مقصود من جانب المخابرات الأميركية والإسرائيلية”.
وفي البحث والتحري عن بداية التهجير الذي تمارسه المليشيا الانقلابية ، وجدنا أنه في أواخر عام 2006 أقدمت المليشيات الحوثية على تهجير 7 أسر من يهود آل سالم من منازلهم في منطقتي «الحيد» و«غرير» بمديرية كتاف في محافظة صعدة، ولجأت هذه الأسر المكونة من 45 فرداً، جلّهم من النساء والأطفال، إلى مبنى المجمع الحكومي في صعدة، ومن ثم جرى نقلهم بتوجيهات حينها إلى حي المدينة السكنية في صنعاء.
وقالت صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية إن مليشيات الحوثي طلبت من اليهود المتبقين في اليمن بمغادرة البلاد.
ونقلت الصحيفة عن زعيم عشيرة في محافظة عمران يدعى علي قدير، قوله إن الحوثيين حاصروا قرية في منتصف يوليو الماضي لاستجواب أفراد عائلة يهودية تعيش هناك، واستجوبوا أفرادها حول مراسلاتهم مع دولة إسرائيل، وممتلكاتهم في القرية ومناطق أخرى، وما إذا كانوا على اتصال بأقارب يقيمون في بلدان أخرى أم لا”. وقال إنهم “لم يعد بإمكانهم السفر إلا بإذن مسبق من مشرف المنطقة المعين من قبل الحوثيين “.
وفي أواخر عام 2011 ومع انشغال اليمنيين بمؤتمر الحوار الشامل في صنعاء، فرضت ميليشيا الحوثي حصاراً خانقاً على سكان مدينة دماج بمحافظة صعدة، ومنعت عنهم الغذاء والمياه والدواء، قبل أن تمطر المنازل والمساجد بعشرات القذائف.
وفي 15 يناير 2014، أعطت مليشيات الحوثي مهلة أسبوع لخروج السلفيين في منطقة دمّاج، والذين يقدر عددهم بـ15 ألف شخص، وأرغمتهم على مغادرة منازلهم ومزارعهم تحت وطأة القصف والحصار الذي فرضته عليهم لقرابة 100 يوم، وبعد أن خيّرتهم بين الخروج من منازلهم أو الموت.
ويعد التهجير جريمة ضد الانسانية وفق للمادة السابعة من النظام الاساسي لمحكمة الجنايات الدولية، ويخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنساني الذي ينص في المادة (13) على أن “أ. لكل فرد حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة”.
وخلال 14 عاما من ظهور البذرة الحوثية أقدمت مليشيا على إنهاء تواجد الديانتين اليهودية والبهائية، وشنت حربا شرسة على السلفيين والزيديين في محافظة صعدة، ومن ثم نقلت حربها على المذاهب الدينية إلى المحافظات التي سيطرت عليها بعد 2014 ، مستهدفة الجماعة السلفية، وضيقت الخناق على الطائفة الإسماعيلية وجماعة الدعوة (التبليغ)، وأقفلت المعاهد والمدارس الدينية، وهجرت بقية اليهود والسلفيين لينتهي بها الأمر مؤخرا إلى تهجير المنتمي للديانة البهائية ،
ولم يتوقف رفض المليشيا الحوثية للتعايش مع الشعب اليمني عند تهجير الديانات والجماعات الدينية.
وبعد ثلاث سنوات من الإنقلاب أقدمت مليشيا الحوثي على شن حرب على حزب المؤتمر الشعبي العام انتهت بقتلها للرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح والأمين العام للحزب عارف الزوكا وقتل واختطاف المئات من أنصار الحزب في مختلف المحافظات التي تحتلها.
وعلى مدى 5 سنوات، بلغ عدد النازحين قسرياً جراء الحرب التي تشنّها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين 4.6 مليون شخص منهم 3.65 مليون ما يزالون نازحين داخلياً حتى نوفمبر 2018، وفقا لبيانات المفوضية السامية للاجئين.
وتنوعت الأساليب التي تنتهجها مليشيات الحوثي لإبادة اليمنيين وتهجيرهم من منازلهم وحرمانهم من ممتلكاتهم ضمن مخططاتها لتنفيذ المشروع الإيراني الخبيث والعابر للحدود والذي لا يمكن له أن يتم في ظل وقوف اليمنيين أمامه، وهو ما يفسّر الحرب الصفرية التي تخوضها المليشيات الحوثية ضد شعبنا منذ بروزها، ويكشف سبب نقضها لكل العهود والمواثيق ونسفها لكل المساعي الدولية لإحلال السلام والتعايش في البلاد.