واشنطن تفرض رسوماً جمركية جديدة على السفن المرتبطة بالصين
الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
أعلنت الولايات المتحدة، عبر مكتب الممثل التجاري الأميركي، عن فرض رسوم جمركية جديدة على السفن المرتبطة بالصين، سواء كانت مصنّعة في الصين أو مملوكة أو مدارة من جهات صينية. وتهدف هذه الخطوة إلى إحياء صناعة بناء السفن داخل الولايات المتحدة والحد من الهيمنة الصينية على هذا القطاع الحيوي.
ووفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، من المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيّز التنفيذ خلال 180 يوماً. وستُفرض الرسوم مرة واحدة فقط على كل سفينة في كل رحلة إلى الولايات المتحدة، على ألا يتجاوز عددها خمس مرات سنوياً لكل سفينة.
وتتضمن الإجراءات ما يلي:
فرض رسوم قدرها 50 دولاراً لكل طن صافٍ من البضائع على السفن المرتبطة بالصين، مع زيادة سنوية بقيمة 30 دولاراً على مدار ثلاث سنوات.
بالنسبة للسفن المصنّعة في الصين، سيتم فرض رسم قدره 18 دولاراً لكل طن صافٍ، أو 120 دولاراً لكل حاوية قياسية، مع زيادات سنوية مماثلة.
السفن غير الأميركية التي تنقل مركبات ستُفرض عليها رسوم بقيمة 150 دولاراً لكل وحدة.
أما السفن الأجنبية التي تنقل الغاز الطبيعي المسال، فستواجه قيوداً إضافية بعد ثلاث سنوات من بدء التنفيذ، وستتزايد هذه القيود تدريجياً على مدى 22 عاماً.
تجدر الإشارة إلى أن السفن الفارغة القادمة إلى الموانئ الأميركية لتحميل صادرات مثل الفحم أو الحبوب، إضافة إلى السفن التي تنقل البضائع بين الموانئ الأميركية أو إلى الأقاليم التابعة لها، ستكون معفاة من هذه الرسوم.
ردود الفعل الصينية والأميركية
في أول تعليق رسمي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، إن هذه الرسوم “ستضر بجميع الأطراف”، متهماً واشنطن برفع تكاليف الشحن العالمية وتهديد استقرار سلاسل التوريد. وأضاف أن الخطوة “لن تنجح في إحياء صناعة بناء السفن الأميركية”.
من جانبها، حذّرت اتحادات أعمال أميركية تمثل نحو 30 قطاعاً اقتصادياً من أن هذه الإجراءات، رغم فائدتها المحتملة لصناعة بناء السفن، قد تؤثر سلباً على قطاعات مثل الزراعة والصناعات التحويلية، وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك الأميركي.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد أمر بالتحقيق في ما اعتبره “ممارسات غير عادلة” من قبل الصين في مجالات بناء السفن والخدمات اللوجستية، وهو التحقيق الذي وسّعه الرئيس الحالي دونالد ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، وأعلن عن تأسيس مكتب خاص لبناء السفن يتبع مباشرة للبيت الأبيض.
استراتيجية أميركية طويلة المدى لمواجهة هيمنة الصين
قال جيمسون غرير، ممثل التجارة في البيت الأبيض، إن “السفن والتجارة البحرية تمثلان ركيزة للأمن الاقتصادي الأميركي”، مؤكداً أن الهدف من هذه الرسوم هو “قلب الهيمنة الصينية وتوجيه رسالة واضحة بشأن التزام الولايات المتحدة بالسفن المصنّعة محلياً”.
وتعكس هذه الخطوة محاولة أميركية لاستعادة موقعها في صناعة بناء السفن، التي فقدته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث لم تعد الولايات المتحدة تشكل سوى 0.1% من الإنتاج العالمي، في حين تستحوذ الصين على نحو 50%، متقدمة على كوريا الجنوبية واليابان، وفق بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
تداعيات دولية وتحول في سلاسل التوريد
بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فإن الرسوم الأميركية الجديدة تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي اضطرابات كبيرة، خاصة في ظل التعريفات الجمركية المتزايدة التي فرضتها إدارة ترامب، والتي رفعت الرسوم على بعض الواردات الصينية إلى 145%، وقد تصل إلى 245% عند دمج الرسوم الجديدة مع القديمة.
وقد أدت هذه السياسات إلى تغيير مسارات العديد من السفن الصينية، التي اتجهت بدلاً من الموانئ الأميركية إلى أوروبا، مما تسبب في ازدحام كبير بموانئ مثل فيلكستو (بريطانيا)، روتردام (هولندا)، وبرشلونة (إسبانيا).
وأشار سانه ماندرز، رئيس شركة “فليكس بورت” للخدمات اللوجستية، إلى أن الربع الأول من عام 2025 شهد زيادة بنسبة 15% في واردات الصين إلى المملكة المتحدة و12% إلى الاتحاد الأوروبي، مرجعاً ذلك إلى الرسوم الجمركية الأميركية.
وحذّر ماندرز من أن هذه التغييرات قد تدفع الشركات إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد عالمياً، بحثاً عن أسواق بديلة أو طرق للالتفاف على الرسوم الأميركية، مؤكداً أن المستهلك الأميركي سيكون أول من يتحمّل كلفة هذه السياسات عبر ارتفاع الأسعار.
المصدر: أ ف ب