اقتصاد

تراجع الثقة بالدولار يُربك الأسواق العالمية

الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
تشهد الأسواق المالية العالمية حالة متجددة من التقلّب، منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ما أعاد تسليط الضوء على مستقبل الدولار الأميركي، الذي لطالما اعتُبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات. إلا أن هذه الصورة التقليدية بدأت تتبدّد، بحسب تقرير حديث نشرته منصة “إنفستنغ دوت كوم”.
مستثمرون يعيدون النظر في تمركزاتهم الدولارية
يشير الاقتصادي دين تورنر من مجموعة يو بي إس إلى أن أحد العوامل الرئيسة وراء تقلب الدولار في الآونة الأخيرة يتمثل في تغيّر سلوك المستثمرين تجاه حيازاتهم من العملة الأميركية. وصرّح تورنر في تقرير صدر الاثنين الماضي بأن “العديد من التحركات التي شهدناها مؤخّرًا تعكس تساؤلات المستثمرين حول النسبة المثلى من أصولهم التي ينبغي أن يحتفظوا بها بالدولار الأميركي”.
وقد ساهم هذا التحوّل في تراجع قيمة الدولار، وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل، إلى جانب تحسّن ملحوظ في أداء الأسهم الأوروبية. وفي الوقت ذاته، شهد الجنيه الإسترليني تقلبات حادة، إذ انخفض من 1.25 إلى قرابة 1.20 قبل أن يرتفع مجددًا إلى 1.35.
هل فقد الدولار بريقه كملاذ آمن؟
يرى تورنر أن تصاعد حالة عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة قلّل من جاذبية الدولار كعملة ملاذ. ويضيف: “في عالم اليوم، حيث باتت الولايات المتحدة نفسها مصدرًا للقلق وعدم الاستقرار، لم يعد للدولار نفس البريق القديم”.
ورغم ذلك، حذّر تورنر من التسرّع في التخلي الكامل عن الدولار، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال يتمتع بميزة الحجم والسيولة، ما يصعّب على المستثمرين العالميين التخلّي عنه كليًا.
نظرة مستقبلية:
يرجّح تورنر أن يستمر الدولار في التراجع خلال الفصول المقبلة، نتيجة العجوزات التجارية والمالية المتواصلة، إضافة إلى تقلب السياسات الاقتصادية. ويرى أن هذا الانخفاض قد يشكّل عبئًا إضافيًا على المستثمرين المقيمين في بريطانيا، لاسيما أولئك الذين يعتمدون على الدولار في تغطية نفقاتهم المحسوبة بالجنيه الإسترليني.
وقال تورنر في هذا السياق: “ضعف الدولار يعني ارتفاع التكاليف عند تحويل العملات إلى الإسترليني”، داعيًا المستثمرين إلى تجنّب التحويلات المالية في ظل أسعار صرف غير مواتية، وإعداد خطط تحوّط ملائمة.
استراتيجيات تنويع المحافظ الاستثمارية
للتعامل مع هذا الواقع، أوصى تورنر بإعادة توزيع الأصول المقوّمة بالدولار، وتوجيه جزء منها نحو عملات دورية مثل الدولار الأسترالي، والدولار النيوزيلندي، والكورونا السويدية والنرويجية، فضلًا عن الجنيه الإسترليني. كما أشار إلى أن الملاذات الآمنة ذات العوائد المنخفضة، مثل الفرنك السويسري والين الياباني، ما تزال خيارات معقولة.
أما المستثمرون المستعدّون لتحمّل مخاطر أعلى، فيمكنهم النظر في عملات الأسواق الناشئة، مثل الريال البرازيلي، والبيزو المكسيكي، والراند الجنوب أفريقي.
الذهب: تحوّط بلا عوائد لكن بجاذبية مستمرة
وفي ظل هذه البيئة المتقلبة، لا يزال الذهب يحافظ على جاذبيته كوسيلة تحوّط ضد المخاطر الجيوسياسية والتضخم. ووفقًا لتورنر، فإن “تخصيص جزء من المحافظ الاستثمارية للذهب يظل خيارًا عقلانيًا”، خصوصًا عند التفكير في كيفية استثمار الفوائض الدولارية بشكل أكثر أمانًا واستدامة.
المصدر: أ ب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى