مقالات
جناية العلمانية العربية “1”

بقلم / د.محمد القشة
على مدى 100 عام مضت في عالمنا العربي والاسلامي كان للنخبة العلمانية دورا سلبيا بل وأثرا سيئا على المجتمعات العربية في كافة الجوانب ، ولعل الجناية الكبيرة للعلمانية العربية وخطيئتها الكبرى هو أنها حرفت بوصلة الاهتمام في أوساط الشعوب من القضايا المركزية الملحة إلى قضايا عدمية وغير منطقية…
ذلك ان المجتمعات العربية كانت وما زالت تعيش أزمات كبرى ومعقدة تتمثل في الاستبداد السياسي بكل تبعاته المظلمة على الواقع وكذلك استلاب قرار الشعوب ومصيرها من قبل الخارج
وبدلا من مواجهة الاستبداد والديكتاتوريات العتيقة وإعادة قرار الامة المصادر ، شرعت النخبة العلمانية معاركها بعيدا عن كل ذلك موجهة سهامها نحو هوية الامة وعقيدتها وثوابتها ومقدساتها وافتعلت معركة عبثية جندت لها كل طاقتها في مشهد ببغاوي يحاكي النمط الغربي المختلف جذريا عن المجتمع العربي والاسلامي…
قد يقول قائل : ولماذا تلوم المدرسة العلمانية بهذا وهي اصلا المتربعة على كراسي الحكم منذ خروج الاستعمار وحتى يومنا هذا؟
واقول أن اللوم موجه للنخبة العلمانية التي تزعم أنها على خلاف مع الاستبداد وأنها من مدرسة التنوير ، ومع ذلك فقد استخدمت هذه النخبة كل ثقلها وعلاقاتها بالسلطة للفتك بالمدرسة الاسلامية المخالفة بكل انواع الاستهداف..
هل العلمانية العربية واقعية أم انتهازية أم مراهقة؟!
إن أحسنا الظن فإن العلمانية العربية تعاني من أزمة هوية جعلت منها نخبة مراهقة طائشة بعيدة عن الواقع العربي وتشخيصه ، حيث أخطأت في تشخيص الازمات التي يعاني منها المجتمع وارجعتها إلى الدين نفسه على طريق المدرسة الغربية عقب العصور الوسطى ، ولو كانت تملك رؤية واضحة ودراسة عميقة بعيدا عن التعصب والعداء المسبق لادركت أن الخلل ليس في الاسلام ذاته إذ أنه كان هو المنطلق للحضارة الاسلامية التي حكمت العالم لقرون فكيف يكون اليوم عائقا أمام النهضة والتطور…