توقعات بارتفاع الطلب العالمي على الغاز في 2025
الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
شهدت تجارة الغاز الطبيعي المسال في 2024 نموًا محدودًا بنسبة 1.6%، وهو أدنى معدل نمو منذ عام 2020، مما أثار تساؤلات حول العوامل التي أدت إلى هذا التباطؤ في ظل الزيادة المستمرة في الطلب العالمي على الطاقة.
ووفقًا لخبير أسواق الغاز والهيدروجين في منظمة أوابك، وائل عبد المعطي، فإن النمو المحدود في تجارة الغاز المسال يعود إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها:
دخول عدد محدود من المشاريع الجديدة في الإنتاج التجاري خلال العام، مع طاقات إنتاجية محدودة، مثل المشروعين في الكونغو والمكسيك، اللذين يضيفان طاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 2 مليون طن سنويًا.
تأخر تشغيل بعض المشاريع التي كان من المتوقع أن تبدأ في وقت مبكر من 2024.
العقوبات الأوروبية والأمريكية على مشاريع الإسالة في روسيا، وخاصة مشروع “أركتيك 2″، الذي منع السوق العالمي من الاستفادة من أكثر من 6 ملايين طن.
موجات الحر في صيف 2024 التي أثرت على صادرات بعض الدول المصدرة للغاز، مما دفعها إلى تلبية احتياجات السوق المحلي بدلاً من التصدير.
وعن آفاق عام 2025، توقع عبد المعطي أن ترتفع الإمدادات العالمية للغاز الطبيعي المسال بنحو 4% مقارنة بمستويات عام 2024، بدعم من المشاريع الجديدة في الولايات المتحدة وكندا وأفريقيا، مع توقعات بأن يكون تأثير هذه الإمدادات أكبر في النصف الثاني من العام.
توقعات استقرار صادرات الدول العربية
على الرغم من تراجع صادرات الغاز الطبيعي المسال من الدول العربية بنسبة 3% في 2024، إلا أن هذه الصادرات ما زالت تحتفظ بحصة كبيرة في السوق العالمي، حيث بلغت نحو 26.4%. ويعود هذا التراجع إلى:
توقف صادرات الغاز من مصر في مايو 2024 بسبب تأمين احتياجات السوق المحلي.
تراجع صادرات الجزائر بنحو 11% نتيجة أعمال الصيانة في بعض محطات الإسالة، إلا أنها عززت صادراتها عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا.
ويتوقع عبد المعطي استقرار صادرات الغاز المسال العربية في 2025 عند مستويات العام الماضي أو بزيادة طفيفة تقدر بحوالي 1%. ويُتوقع أن يشهد قطاع الغاز العربي نموًا أكبر اعتبارًا من 2026 مع بدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع توسعة حقل الشمال في قطر.
موريتانيا لاعب جديد في أسواق الغاز
من جهة أخرى، يتوقع أن تكون موريتانيا لاعبًا مهمًا في أسواق الغاز مع بدء إنتاج الغاز المسال من حقل السلحفاة الكبرى-آحميم. وأوضح عبد المعطي أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية لموريتانيا التي تدخل لأول مرة ضمن قائمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال. ومن المتوقع أن يشهد المشروع تطورًا كبيرًا في المستقبل، مع إمكانية زيادة الإنتاج بشكل كبير بفضل احتياطات الغاز في الحقل، التي تقدر بنحو 15 تريليون قدم مكعب.
تأثير الأزمة الأوكرانية على سوق الغاز الأوروبي
على الصعيد الأوروبي، أشار عبد المعطي إلى أن الأسواق الأوروبية فقدت نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا بعد الأزمة الأوكرانية، مما أدى إلى انخفاض قدرتها على تلبية احتياجاتها. وقد لجأت أوروبا إلى سحب المزيد من مخزوناتها، مما يشير إلى ضرورة استيراد كميات أكبر من الغاز الطبيعي المسال لملء هذه المخزونات في الفترة القادمة، لكن بأسعار مرتفعة مقارنة بعام 2024.
الهيدروجين.. مستقبل الطاقة
كما أكد عبد المعطي على أهمية دور الدول العربية في سوق الهيدروجين، مشيرًا إلى خطط طموحة لإنتاج ما يصل إلى 8 مليون طن سنويًا من الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030، وزيادتها إلى 27 مليون طن سنويًا بحلول 2040 لتلبية الطلب العالمي المتزايد. وأضاف أن عدد المشاريع في هذا القطاع قد ارتفع إلى 127 مشروعًا، مما يعكس التزام المنطقة بتطوير هذه التقنية المستقبلية.
تحليل أوسع للآفاق المستقبلية
في حين أن التوقعات تشير إلى نمو ملحوظ في الطلب على الغاز، يجب أن يُؤخذ في الاعتبار تأثير التقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية على هذه التوقعات. التحولات في السياسات البيئية العالمية، مثل زيادة الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة وتقليل انبعاثات الكربون، قد تؤثر بشكل مباشر على سوق الغاز. كما أن استثمارات جديدة في تقنيات الطاقة المتجددة قد تسهم في تقليص الطلب على الغاز على المدى البعيد. وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن تواصل أوروبا السعي لتنوع مصادر إمدادها من الغاز لمواجهة أي تقلبات مستقبلية، ما قد ينعكس على استراتيجيات الدول المنتجة.
المصدر: رويترز