عربية
الاستهدافات الإسرائيلية بين رسم مناطق النفوذ وتحقيق أهداف انتخابية

الرشاد برس … عربي
………………………………………………………………………………
مستمرة هي تلك الاستهدافات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي على سوريا، بحجة ضرب المصالح الحيوية لإيران في المنطقة.
لم تكن جديدة تلك الضربات التي استهدفت (خلال اليومين الماضيين) مرکزا حيويا في “عقربا” جنوبي سوريا تابعا لـ”فيلق القدس” الإيراني، وكذلك في لبنان من خلال الاستهداف عبر طائرتين مسيرتين للمكتب الإعلامي لـ”حزب الله” والذي عده الأخير في مجاله الحيوي.
فبين مسارات تُرسم وحلول تُفرض وسياسات تهدف لتغيير الوجه الجيوسياسي للمنطقة، تتحرك القوى المعادية للدول العربية ومسارات رسم نفوذ فيها، إلى خلق بيئات متعددة تساعدها على فرض واقع نفوذها بكل الوسائل المتقاطعة منها.
هذه المساحات التي ترسمها حدود النار بين القوى الكبرى – الولايات المتحدة وروسيا – وتتفاعل مع مجرياتها القوى الفاعلة في الشرق الأوسط وأهمها تركيا وإيران، وفي القلب من كل القوى (إسرائيل) التي تخضع ضمن تفاعلات مفهوم “صفقة القرن”، وحيوية تطبيق بعدها الجيوسياسي.
فليست مصادفة تلك التفاعلات في شمال الشرق الأوسط وتحديدا التصعيد في إدلب السورية، رغم أنها ضمن نطاق التوافق الروسي الأمريكي في تكريس المنطقة الآمنة أو ما يعرف بـ”مناطق خفض التصعيد”، ثم تأتي ضربة تالية من إسرائيل في المجال الحيوي لإيران في سوريا ولبنان والعراق.
وكذلك التفاعل الحيوي الذي تقوده واشنطن في مياه الخليج في إطار خصومتها مع إيران، أو التفاعلات العسكرية شرق المتوسط حول موضوع الغاز التي تخوض فيه مجموعة من القوى الإقليمية أهمها تركيا مسارات ساخنة في هذا الاتجاه.
إذًا نحن أمام مسارات متشابكة ومتعددة لرسم مساحات النفوذ، وهنا يمكننا الوقوف أمام تلك المسارات:
أولا: في إطار إعادة تفكيك وتركيب المنطقة، فإن الأهم في الإقليم يمكن القول هو شمال الشرق الأوسط، أكثر المناطق التي تشكل نواة نفوذ حيوية لإيران ومحورها الذي يمتد إلى مناطق متعددة في الإقليم، بمعني أن سوريا منطقة العمليات الفعالة في تحقيق استراتيجية تقسيم النفوذ في المنطقة.
ثانيا: وعليه هذا الامتداد الذي ترسمه إيران في تشكيل جبهات قوة متعددة موالية لها في كل أطراف الإقليم الفاعلة: حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، العلاقة الفاعلة مع النظام السوري، ومع العراق من خلال الحشد الشعبي وبعض القوى هناك، كذلك العلاقة المتفاعلة مع حركات المقاومة الفلسطينية، بالإضافة لتفاعلها في الأزمة الخليجية والدبلوماسية الناعمة التي تمارسها في أقطار متعددة، يزيد القلق لدى إسرائيل من سهولة انتشار نفوذ إيران وتمدده، فيضربها في الخواصر التي يستطيع التحرك فيها.
ثالثا: مسارات التحول في مفهوم التطبيع مع إسرائيل وخلق بيئة مناسبة لدمجها في المنطقة، بحيث تقوم تل أبيب من خلالها بتفعيل الصورة التي تبني عليها محور العداء لإيران كعدو أول للأمة، من خلال إرضاء السعودية والإمارات اللتان تشاركان في الرؤية القائمة على مواجهة إيران وشطب نفوذها في المنطقة.
ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يستطع بناء تحالفات جديدة في الشرق الأوسط، إلا أن إسرائيل بنت مستوى من التنسيق والتفاعل مع روسيا، يخلق توازنات تزعج إيران.
فالذي يحصل تحديدا أننا ضمن لعبة “صراع العروش”، حيث يلعب الجميع دورا أساسيا ضد الجميع وهو دور مجاني للجميع.
فيما تبني إسرائيل استراتيجيتها في سوريا على قاعدة الاعتماد على الذات في إطار تحقيق مواجهتها لإيران، مستندة بذلك التحول على تراجع السلوك الأمريكي من دور الرائد إلى دور الداعم في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار تسعى إسرائيل لخلق مساحة تفاهم بين كل من روسيا والولايات المتحدة في الصراع الدائر في سوريا لتحديد مناطق نفوذ إسرائيل وعملياتها.
رابعا: تربط الولايات المتحدة مفهوم القوة وسد الفراغ في إطار الهدف المشترك وهو احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة بين السعودية وإسرائيل، على قاعدة أن “إسرائيل تملك القوة العسكرية والاستخباراتية، بينما تملك السعودية المال والقوة الناعمة والكثير من النفوذ في المنطقة”.
هنا يمكن القول: إن بنيامين نتنياهو، ووفق أدائه السياسي والميداني في رسم صورة استراتيجية للدولة ومصالحها مبني على رؤيته لمستقبله السياسي، وإنه عنصر تحرك مهم في تحقيق فاعلية إقليمية مبنية على تشابك الأهداف والمصالح لديه، والتي يمكن أن نفسرها منطلق مهم في تحركه في البازار الانتخابي “الإسرائيلي”.
لذلك باعتقادي أن الرؤية الإسرائيلية مشمولة بالموقف الأمريكي في إطار صراعها مع إيران تهدف للتالي:
استراتيجية: تهدف للعمل على تغيير النظام الإيراني الداخلي، والحد من نفوذه الإقليمي وحصره في اليمن وسوريا والعراق، وتقويض البرنامج النووي الإيراني.
تكتيكية: ضرب مصالح إيران الحيوية في المنطقة بما يخدم الهدف الاستراتيجي، وهو ما نشاهده من الضربات المتكررة له في سوريا والعراق ولبنان، وكذلك العمل الميداني والسياسي من الحد من نفوذه في المناطق الحيوية في الإقليم ما يعرف بشرق الفرات وخلافها أو التواجد الحوثي على خليج عدن