تراجع العملة الوطنية …الأسباب والتداعيات والحلول
الرشاد برس | تقرير /صالح يوسف
يواجه الاقتصاد الوطني صعوبات وتداعيات جسيمة خلفها الإنقلاب الحوثي على الدولة منذ 2014م ادى الى انقسام الإقتصاد والعملة وانقطاع المرتبات والخدمات وزاد في ذلك استمرار توقف تصدير النفط من المواني الواقعة تحت سيطرة الحكومة عقب الهجمات التي شنتها المليشيا على موانئ التصدير
حيث عاود الريال الى الانهيار أمام العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق فقد تحدثت مصادر مصرفية إن الدولار الأمريكي تجاوز حاجز 1500 ريال فيما وصل الريال السعودي إلى 400 ريال يمني
وكان البنك المركزي في وقت سابق قد أعلن في عدن، أن أعلى سعر صرف في المزاد كان 1410 ريالاً للدولار الواحد، وأدنى سعر هو 1385ريالاً للدولار الواحد.
الأسباب
خلص خبراء وأكاديميون ورجال مال وأعمال في اليمن إلى أن أبرز مسببات تدهور صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية يعود إلى جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية، وأسباب أخرى مرتبطة بالحرب المشتعلة التي تسبب بها الإنقلاب منذ 9سنوات
وقال الخبراء إن من أبرز مسببات تدهور سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية هو تزايد الفجوة بين العرض والطلب من العملات الأجنبية في السوق بسبب زيادة الطلب على العملة الناتج عن زيادة الطلب على السلع المستوردة لأسباب من أهمها زيادة عدد السكان، وضعف الإنتاج المحلي، والمضاربة في العملة، والشلل في التحكم في السوق بسبب ضعف البنك المركزي وتقسيمه بين عدن وصنعاء.
يقول الباحث في الشؤون الإقتصادية/ محمد خلف .المكلا ان من اهم اسباب تدهور وتراجع سعر العملة الوطنية وارتفاع الدولار امام الريال يعود إلى نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي في عدن نتيجة لتوقف صادرات النفط التي كانت مصدر الدخل الوحيد من العملة الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى توقف البنك المركزي عن بيع العملة الأجنبية عن طريق المزاد الذي كان يعلن عنه أسبوعيا، حيث أصبح الآن شبه متوقف.
وأوضح /خلف أن هناك أسباب أخرى وراء تراجع صرف الريال أمام العملات الأجنبية من بينها العوامل السياسية المتمثلة في عدم نجاح المفاوضات والتوصل إلى سلام دائم في اليمن.
واكد ايضاعلى تلاعب الصرافين من خلال بيع وشراء العملة في السوق السوداء وعدم الالتزام بتوصيات البنك المركزي واضاف ان العوامل السياسية والاقتصادية على السواء، شكلت نوعا من الضغط على السوق وزيادة الطلب على العملة الأجنبية، ما أدى إلى ارتفاع سعر الصرف.
البنك المركزي يوضح
وفي اطار المتابعة المستمرة للتطورات الاقتصادية في البلاد واهتمام البنك المركزي وتركيزه على ثبات واستقرار العملة فقد عقد مجلس إدارة البنك المركزي اليمني الأربعاء الموافق 12 يوليو 2023م اجتماعاً استثنائياً لمناقشة تطورات الحالة الاقتصادية وأسواق صرف العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية والحركة غير المبررة إما بدوافع سياسية أو في إطار الحرب الاقتصادية التي تشنها الأجهزة الاستخبارية للمليشيات الحوثية.
فقد شددت ادارة البنك على التعامل بصرامة مع المتماهين مع عمليات المضاربة بهدف الإضرار بمعيشة الناس والتأثير على الاستقرار في البلد، وأقر تنفيذ العديد من الإجراءات العقابية والتنظيمية الإضافية في اطار القوانين والتعليمات النافذة.
وطالب مجلس إدارة البنك كلاً من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بتوفير المناخ المناسب للاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك إعادة تعبئة الموارد العامة للدولة وتخطيط إنفاقها واقتصار الإنفاق على ما يتوفر من موارد وتمويل غير تضخمي.
كما طالب جميع الجهات محلية ومركزية باحترام استقلالية البنك المركزي وعدم التدخل في شئونه أو التدخل في نطاق صلاحياته باعتبار أن أي تدخل أياً كان نوعه ومهما كان هدفه تدخلاً غير مقبول وإرباكاً لإجراءات البنك المركزي بالتعامل مع أي تجاوزات من قبل شركات الصرافة أو القطاع البنكي بموجب أحكام القانون والمعايير والتقاليد المصرفية بعيداً عن الإجراءات العشوائية التي لا تستند الى أي أسس قانونية أو معايير مصرفية أو اقتصادية.
وثمن المجلس الاستجابة السريعة للأشقاء في المملكة العربية السعودية لدعم الشعب اليمني في هذا الظرف الصعب وهو ثابت من ثوابت المملكة تجاه أشقائها في كل المراحل خاصة في الأوقات الاستثنائية والعصيبة التي مر ويمر بها اليمن
حرب اقتصادية
ويلعب الحظر الذي يفرضه الحوثيون على التصدير الحكومي للنفط الدور الأكبر في تدهور قيمة الريال في المحافظات المحررة، لأن عائدات النفط كانت هي الرافد الأكبر لخزينة الدولة بالعملة الصعبة، على الرغم من أن عملية التصدير لم تُستأنف بذات المعدل السابق للحرب.
وبحسب محافظ البنك المركزي اليمني “أحمد غالب المعبقي” فإن الحكومة خسرت مليار دولار منذ أكتوبر الماضي عندما بدأ الحوثيون استهداف موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة بالقصف عبر الطائرات المسيرة، مطالبين بحصة كبيرة من العائدات.
وخلال الأسابيع الماضية صعد الحوثيون من حربهم الاقتصادية ضد الحكومة، وحظروا وصول الغاز المنزلي من مارب إلى الأسواق الخاضعة لسيطرتهم، كما منعوا وصول شحنات المواد الغذائية المصنعة في المحافظات المحررة أو الداخلة إلى البلاد عبر ميناء عدن، ملزمين التجار على التحول إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم.
الحلول المتاحة
يرى خبراء اقتصاديون أن خلق نوع من الاستقرار المعقول في سعر صرف العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية يكمن في استعادة الثقة بالبنك المركزي من جهة، والبنوك التجارية من جهة أخرى، وتعزيز العلاقة بينهما ورجال الأعمال، وذلك بالسماح لرجال الأعمال بالوصول إلى ودائعهم والسحب منها بحرية طالما السحوبات في الإطار المسموح به.
ويقول الباحث/فكري حميد طالب اقتصاد .جامعة عدن إن على البنك المركزي وبالتنسيق مع البنوك التجارية تفعيل السياسات النقدية اللازمة لجذب الودائع بالعملات الأجنبية إلى الجهاز المصرفي لتعزيز موقف الريال مقابل العملات الأجنبية
ويقول الخبراء أنه يجب تعزيز موارد البلاد من النقد الأجنبي عن طريق إعادة إنتاج وتصدير النفط والغاز، وتوريد قيمة المبيعات إلى حسابات البنك المركزي -التي توقفت منذ سنوات-، وضرورة توريد الموارد السيادية وغيرها من موارد النقد الأجنبي من المصادر المختلفة إلى البنك المركزي لدعم رصيد البنك من العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في دعم موقف الريال اليمني في السوق وخلق حالة من الاستقرار لإيقاف نزيف العملة.
كما يجب تنظيم نشاط محلات الصرافة وتعزيز الرقابة على نشاطها والحد من المضاربة غير المشروعة بالعملة، والتوقف عن طباعة أي عملات جديدة للريال دون وجود غطاء رسمي، وتأمين الاستيراد وذلك بتوفير رصيد دائم في البنك المركزي.