مقالات

خزان صافر : قبل حدوث الكارثة

خزان صافر

الرشادبرس

استبقت مليشيا الحوثي جلسة مجلس الأمن الدولي- عقدها منتصف شهر يوليو المنصرم والتي خصصها لمناقشة وضع خزان صافر استجابة لدعوة الحكومة اليمنية – بالتلميح إلى أنها وافقت على إرسال فريق فني أممي، غير أن الحكومة اليمنية شككت في جدية الحوثيين وأشارت إلى خشيتها من أن تكون تلك الموافقة المزعومة مجرد مناورة لتفادي جلسة مجلس الأمن.

شكوك الحكومة كانت محقة فقد تراجعت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران عن وعود خطية بالسماح للفريق الأممي بتفقد وصيانة ناقلة النفط صافر المهجورة قبالة ساحل رأس عيسى في البحر الأحمر.

مليشيا الحوثي ضربت بمطالبة مجلس الأمن الدولي لها – في جلسته بشأن الخزان العائم صافر- بتنفيذ إجراءات ملموسة دون تأخير بشأن أزمة الناقلة صافر عرض الحائط .

دعوة ممثلي الدول الأعضاء للحوثيين لتحويل ذاك الالتزام إلى إجراء ملموس في أقرب وقت ممكن، بما في ذلك الموافقة على تصاريح الدخول، وطريق سفر آمن إلى الناقلة، وجميع الترتيبات اللوجستية الأخرى، لم تعرها المليشيا الحوثية اهتماما تماما كعادتها في عدم الاكتراث للحالة الإنسانية التي أوصلت – بانقلابها- الشعب إليها.

تراجع عن ما التزموا به

التراجع الحوثي يأتي مطابقاً لتوقعات الكثير من المتابعين والمهتمين بالقضية، وتعزيزا لتحذيرات مسؤولين يمنيين من أن تكون موافقة الحوثيين مجرد مراوغة لاسيما قبيل جلسة مجلس الأمن الدولي التي ناقشت القضية.

فقد قال – حينها- راجح بادي المتحدث باسم الحكومة إن الحكومة لديها شكوك في مصداقية الحوثيين، مضيفاً: “نخشى أن تكون هذه مناورة قبل جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة وضع السفينة صافر التي تنذر بكارثة بيئية تهدد البحر الأحمر بشكل كبير وخطير جداً”.

لابد من موقف دولي حازم

رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك بعد تنصل مليشيا الحوثي الخطي شدد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقف حازم تجاه استمرار مراوغات مليشيا الحوثي المتمردة في القبول بتفريغ خزان صافر النفطي وتفادي أكبر كارثة بيئية في العالم مشيرا إلى أن الحكومة كانت ولا تزال منفتحة بشكل كامل على كل الحلول التي تؤدي إلى تفريغ الخزان لتجنيب اليمن والمنطقة والعالم كارثة وشيكة، لكن المليشيا الحوثية تصر على ربطه بقضايا ومسارات أخرى.

كارثة ستطال الجميع

رئيس الوزراء -خلال لقائه السفير الروسي لدى اليمن فلاديمير ديدوشكين- حث المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن على العمل بكل الوسائل لتفادي الكارثة البيئية الوشيكة، وعدم التهاون أو إهدار مزيد من الوقت في نقاشات عقيمة لا تفضي إلى حلول عاجلة.

الدكتور معين عبدالملك أكد أن الصمت الدولي على تراجع مليشيا الحوثي عن تعهداتها بالسماح لفريق أممي لمعاينة الخزان تمهيدا لتفريغه أمر غير مقبول ولا ينبغي السكوت عنه، فالكارثة ستطال الجميع.. معربا عن تطلعه إلى دور حاسم للأصدقاء الروس والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والمجتمع الدولي بشكل عام في هذا الملف.

لا غرابة

وزير الخارجية -خلال اتصال هاتفي مع سفيرة جمهورية ألمانيا الإتحادية لدى اليمن كارلا مولر- لفت إلى أن تراجع المليشيا مؤخرا لم يكن مستغربا وأن على المجتمع الدولي ومجلس الأمن اتخاذ إجراءات حازمة لإلزام المليشيا بالانصياع لدعوة المجتمع الدولي في هذا الشأن لتفادي كارثة بيئية لا يحمد عقباها على اليمن والمنطقة.

محمد الحضرمي أكد على ضرورة الاستمرار في الضغط على المليشيا الحوثية من أجل إلزامها بتنفيذ ما تعهدت به بالسماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول لخزان النفط “صافر” من أجل تقييمه وتفريغه والتخلص منه.

أداة للابتزاز والمساومة

وزير الإعلام قال: إن مليشيا الحوثي تتخذ خزان صافر العائم أداة للابتزاز والمساومة، وتقف حجر عثرة أمام اتخاذ معالجات حقيقية تنهي مخاطر تسرب أو غرق أو انفجار الناقلة وما تمثله من تهديد بيئي كارثي على اليمن ودول الإقليم.

معمر الإرياني أوضح أن تراجع مليشيا الحوثي عن تعهداتها بخصوص خزان ‎صافر العائم تأكيد لما أشار إليه سابقا مسؤولون حكوميون من مراوغة الحوثي بإعلانه الموافقة على معاينة وتقييم فريق فني تابع للأمم المتحدة لناقلة النفط صافر قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن التي خصصت لمناقشة المخاطر المترتبة على تسرب أو انفجار الناقلة.

الإرياني أشار إلى أن الانقلاب على التعهدات وعدم الوفاء بالالتزامات سلوك حوثي ممنهج منذ الحروب الستة مرورا بأحداث محافظة عمران واجتياح العاصمة صنعاء مرورا باتفاق السلم والشراكة وجولات الحوار في جنيف والكويت وانتهاء باتفاقات ستوكهولم بخصوص الحديدة، وإطلاق الأسرى والمختطفين وفك الحصار عن تعز والتي لم تنفذ أي من بنودها.

وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذ مواقف حازمة تجاه استمرار مليشيا الحوثي في التلاعب بملف خزان صافر العائم.

مطالبة بالسماح فورا لفريق الصيانة

رفض مليشيا الحوثي طوال السنوات الماضية السماح لفريق تابع للأمم المتحدة لصيانتها واتخاذ التدابير للحيلولة دون حدوث أكبر كارثة بيئية للحياة البحرية في البحر الأحمر، ومصانع تحلية المياه وطرق الشحن الدولية ؛ جعل هذه القضية محل اهتمام كبير من قبل المجتمع الدولي والحكومة اليمنية والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام وشخصيات مهتمة بالبيئة، نظراً لخطورة القضية على البيئة البحرية.

فمن قبل انعقاد مجلس الأمن بشأن خزان صافر كانت دول عدة في مقدمتها أمريكا والصين طالبت الحوثيين بالسماح للفريق الأممي بالوصول للخزان العائم وتقييمه وإصلاحه غير أن مليشيا الحوثي رفضت ولاتزال ترفض كل تلك الدعوات والمطالب.

منظمة “هيومن رايتس ووتش” دعت قبل أيام مليشيا الحوثي للسماح فورا لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى ناقلة صافر بسبب خطر بدء تسرب أكثر من مليون ومائة ألف برميل من النفط الخام في البحر الأحمر.

وقال المدير المساعد في قسم النزاعات والأزمات في هيومن رايتس ووتش” في بيان جديد للمنظمة: إن الحوثيين يؤخرون بتهوّر وصول خبراء الأمم المتحدة إلى ناقلة النفط المتهالكة التي تهدّد بتدمير أنظمة بيئية بأكملها والقضاء على سبل عيش ملايين الأشخاص الذين يعانون أصلا في ظلّ الحرب.

وأضاف جيري سيمبسون أن على الخبراء الأمميين أن يكونوا على أهبّة الاستعداد لمنع حصول الأسوأ، وينبغي السماح لهم فورا بالصعود إلى الناقلة.

وقالت “رايتس ووتش”: إن على الحوثيين أن يصدروا فورا تصاريح لأعضاء فريق التقييم الأممي لتسهيل وصولهم إلى ناقلة النفط، وأن تتّبع توصيات الأمم المتحدة لتأمين الناقلة ونفطها”.

المنظمة أشارت إلى أن التسرب النفطي من ناقلة صافر سيشكل تحديا رهيبا مضيفة أن الناقلة راسية قرب أحد أكثر مسارات الشحن التجاري ازدحاما في العالم على مشارف منطقة حرب.

ولفتت المنظمة إلى أن أثر تسرّب نفطي على سبل العيش، والوصول إلى الماء والطعام، وأسعار النفط سيُفاقم كثيرا الأزمة الإنسانية في اليمن”.

وأكدت المنظمة أن الأمم المتحدة قدمت للحوثيين إثباتات أن التسرب النفطي من الناقلة سيقضي على معيشة الصيادين وغيرهم من الذين يعتمد عليهم ملايين الأشخاص للحصول على الطعام.

وأضافت المنظمة “ينبغي أن يتصرف الحوثيون لحماية حقوق جميع الناس على الأراضي التي يسيطرون عليها، بما في ذلك الحقّ في الحياة، ومستوى معيشة ملائم، والصحة، والغذاء، والمياه، وبموجب القانون الإنساني الدولي، لديهم التزام بتسهيل تسليم المساعدات الإنسانية للسكان المعرضين للخطر”.

وقال: ينبغي أن تدرك الحكومات القلقة بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن الخطر الناجم عن ناقلة صافر وتضغط لتفادي مأساة أكبر مؤكدة أن رفض الحوثيين المستمرّ للسماح للأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة قد يؤدّي إلى عواقب مدمرة على البيئة والناس في اليمن والمنطقة.

مطالبات بفرض عقوبات دولية

تؤكد الأمم المتحدة أن العواقب البيئية والإنسانية لمثل هذا التسرّب ستكون كارثية، وتشمل إغلاق ميناء الحُديدة وتدمير سبل العيش لملايين اليمنيين الذين يعتبرون هذا الميناء حيويا ويعتمدون عليه للواردات التجارية والمساعدات الإنسانية.

هيومن رايتس ووتش في بيانها الأخير أوضحت أن على مجلس الأمن أن يعلم الحوثيين بأنّ عدم معالجتهم للمسألة بسرعة قد يفضي إلى عقوبات إضافية تستهدفهم.

الحكومة اليمنية كانت قد طالبت بفرض عقوبات دولية على الشخصيات التي تمنع حل مشكلة سفينة صافر المليئة بالنفط والمهددة بالانفجار قبالة ساحل رأس عيسى بالبحر الأحمر، والتي يمكن أن تتسبب في واحدة من أكبر الكوارث البيئية البحرية في التاريخ.

سبتمبرنت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى