محلية

لماذا التركيز من قبل زعيم مليشيا الحوثي على هيئتي الزكاة والأوقاف

الرشاد برس ــــ محليــــــــــــــــــــــــــــة

لا يكاد المواطن اليمني يسمع خطابا لزعيم عصابة الحوثي الإرهابية، المدعو عبد الملك الحوثي، إلا ويجد في خطاباته إشادة واضحة بجهتين اثنتين لا ثالث لهما: هيئة الزكاة وهيئة الأوقاف، التابعتين للعصابة الحوثية.
فمنذ انقلابها على الدولة، شرعت عصابة الحوثي الإرهابية في التركيز بشكل رئيسي على الأوقاف والزكاة، وذلك للاستحواذ على هذين الموردين بشكل كلي. إذ سرعان ما ستعمل على جعل كل منهما هيئة مستقلة، وذلك ليتسنى لها القبض على مفاصل الزكاة والأوقاف باعتبارهما من أهم الموارد والإثراء باسم الدين.
فبالرغم من مخالفتها للدستور، فقد أنشأت عصابة الحوثي ما تسمى الهيئة العامة للزكاة وعينت على رأسها واحدا من قيادييها وهو المدعو محسن أبو نشطان، مثلما أسست أيضا ما تسمى الهيئة العامة للأوقاف وعينت رئيسا لها واحدا من أسرة الحوثي.
ومع أن الهيئتين تتبعان وزارة الأوقاف، إلا أن الأخيرة لم يعد لديها أية سلطة أو إدارة عليهما، وإنما ترجعان إليها شكليا لا أكثر.
الملفت أنه منذ سنوات خلت، يلاحَظ أن هناك حملات حثيثة يقودها زعيم المليشيا وكثير من قيادات العصابة الحوثية في سبيل دعم هاتين الهيئتين والإشادة بهما مع كل مناسبة، بحيث سخرت المليشيا كل أجهزتها الدعائية ووضعتها تحت تصرف هاتين الهيئتين بشكل ملفت.
حتى اللوحات الدعائية المغروسة في كافة شوارع المحافظات المسيطر عليها من قبل عصابة الحوثي، لا تفتأ تعمل لصالح الهيئتين، بشكل يدعو إلى الاستغراب. فالأوقاف والزكاة ليستا الوحيدتين اللتين تم الاستحواذ عليهما من قبل هذه العصابة، حيث لم تترك موردا إلا واستحوذت عليه، من ضرائب وجمارك وجبايات ورسوم. ومع أن مصلحة الضرائب على سبيل المثال أو مصلحة الجمارك هما الأخريتان تدران على عصابة الحوثي عشرات المليارات شهريا، إلا أننا لا نجد لهما ذكرا في خطابات زعيم المليشيا، بل كل خطاباته مركزة على هيئتي الأوقاف والزكاة.
كما أن ما يحدث مع كل موسم من دعاية صاخبة لهيئة الزكاة وكذلك هيئة الأرقاف، كمهرجانات الأعراس الجماعية أو المشاريع الوهمية التي تتحدث عن كفالة عشرات ومئات الأسر المعدمة، وغيرها من الفعاليات الشكلية، هو من باب أن هذه المليشيا الوقحة تستخدم نفس أساليب الابتزاز باسم الدين، للقول بأن مصارف الزكاة وأموال الأوقاف قد عادت كما يريد لها الشرع، وأنها إنما تنفذ أوامر الشرع وتعيد الأمور إلى نصابها.
وبحسب مختصين التقتهم “المنتصف نت”، فإن هذا التركيز والاهتمام من قبل عصابة الحوثي الإرهابية على جانبي الأوقاف والزكاة هو لما تحملانه من دلالة دينية تحرص المليشيا على تقمصها، حيث تكتسي حينها صبغة قداسية، حد وصفهم.
فالمليشيا تستخدم الدين والآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالزكاة وتبرزها على الدوام، وذلك حتى تقدم نفسها على أنها لا تريد سوى تطبيق الدين، مثلها مثل أي جماعة دينية تنفذ مآربها الدنيئة باسم الله وباسم الدين.
فإذا شح المطر وجفت العيون مثلا، زادت من سلخ جلود الناس بحجة أن المطر لم يشح إلا لأن ذلك عقاب من الله لعدم دفعهم ما عليهم من الزكاة المستحقة. أما إذا جادت السماء وأنزلت بركاتها من الغيث، فإن الخطاب الديني للمليشيا يتصدر المشهد بلسان حال يقول: انظروا كيف أن الخير يعمكم ببركتنا وببركة أننا جعلناكم تدفعون ما عليكم من الزكاة.. وهكذا يصدقها سواد كبير من الناس المغلوبين على أمرهم.
هذا ناهيك عن نهب أموال الزكاة وفرض مكاتب هيىة الزكاة الحوثية في المحافظات إجراءات تعسفية لجمع وتحصيل الزكاة قبل حلول شهر رمضان من كل عام، عبر فرق ميدانية تباشر النزول إلى شركات القطاع الخاص والتجار وملاك العقارات والأراضي الزراعية، لتحصيل أموال الزكاة، مهددة من يتأخر بإجراءات صارمة، حيث يتم إشعار المكلفين بالزكاة بأن عليهم تسليم الزكاة بشكل كامل للهيئة المستحدثة، ويمنع عليهم التصرف بأي من أموال الزكاة، تحت تهديد من يقوم باستقطاع أي مبلغ من أموال الزكاة لإخراجها على مستحقين أو محتاجين بنظره وبصورة مباشرة بإجراءات عقابية.
المختصون أكدوا لـ”المنتصف نت” أن هذا الحرص الشديد من قبل عصابة الحوثي الإرهابية على مسألتي الزكاة والأوقاف، ليس لكونهما موردين هامين فحسب، بل ولأن الصبغة الدينية هي أكثر ما تحتاجه هذه العصابة للإبقاء على مشروعها السرطاني.
فالجمارك أو الضرائب تعتبر من أدوات الدولة الحديثة ومبتكرات القانون الحديث، بالتالي من منظور العصابة لا تستندان على موروث تأريخي ديني منغرس في صميم تفكيرها. ولا يعني هذا أن ما تدره هاتان الجهتان من مبالغ خيالية يجعل المليشيا تصرف النظر عنهما، بل إنها تحرص على ذلك أشد الحرص، لكنها لا تكشف عن وجهها هناك ولا تحاول أن تظهر فيهما بمظهر المهتم، خلافا لما يحدث مع كل من الزكاة والأوقاف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى